تتعرض المواقع الأثرية في إقليم السمارة لعمليات نهب وتخريب متكررة، مما يهدد الإرث الثقافي والتاريخي بالمنطقة،وقد تمكنت مصالح الدرك الملكي بالدراركة يوم الأحد 10 فبراير الجاري من ضبط شحنة غير قانونية من أحجار الزينة والمستحاثات النادرة أثناء تفريغها داخل مستودع خاص.
وحسب المعطيات، أسفرت العملية عن مصادرة كميات من الأحجار الكريمة، من بينها الجيود الصخرية المعروفة ببلوراتها النادرة، إضافة إلى مستحاثات الأمونيتات ذات القيمة الجيولوجية العالية. كشفت التحقيقات أن الشحنة هُربت من مدينة السمارة بهدف إعادة تصنيعها وبيعها في الأسواق السوداء دون تراخيص قانونية.
هذه الواقعة ليست الأولى من نوعها ،فقد استنكرت منظمات ثقافية مهتمة بالتراث تخريب موقع أثري بإقليم السمارة من قبل شركة متخصصة في استغلال مقالع الأحجار، مما دفع وزارة الثقافة إلى التحرك لوقف عملية التخريب التي طالت الموقع المسجل في لائحة التراث الوطني.
ويعتبر إقليم السمارة غنيا بالمواقع الأثرية التي تعود إلى فترات ما قبل التاريخ، مثل موقع “لغشيوات” جنوب غرب المدينة بحوالي 125 كيلومترا، اذ يضم الموقع أكثر من 10,000 نقش صخري، مما يجعله الأكبر في المملكة من حيث المساحة وعدد النقوش.وتعود هذه النقوش إلى عصور قديمة، وتتنوع بين رسومات لحيوانات مثل الغزال والجمال، بالإضافة إلى مشاهد صيد وتجمعات بشرية، مما يعكس تاريخا حضاريا غنيا للمنطقة.
ورغم تسجيل موقع “لغشيوات” ضمن لائحة التراث الوطني بقرار وزير الثقافة رقم 17.352 الصادر في 17 فبراير 2017، إلا أن هذه الاعتداءات المستمرة تثير تساؤلات حول فعالية دور وزارة الثقافة في حماية وصيانة هذه المواقع التاريخية التي تمثل ارث وقيمة تاريخية للبشرية.
وتسأل مهتمون بالشأن الثقافي عن جدوائية صيانة وترميم مواقع تاريخية تعود لزمن الإستعمار القريب، في حين يتم تجاهل المواقع الأثرية لحقب ما قبل التاريخ ذات القيمة العلمية الكبيرة، مرجحين ذلك إلى الميزانيات التي ترصد للترميم المادي، والتي تسيل لعاب المسؤولين وجهات معينة، خاصة منها تلك التي تسعى لإدخالها في إطار اتفاقيات مع دول أوروبية داعمة لهذا الترميم، وفشلت في مساعيها.