دعم سخي مقابل صمت مريب قراءة في تظاهرة إعلامية

محمد الصبري22 أبريل 2025
دعم سخي مقابل صمت مريب قراءة في تظاهرة إعلامية
محمد الصبري

تحتضن مدينة سيدي إفني نسخة جديدة من تظاهرة إعلامية تكررت في السنوات الأخيرة بعدد من أقاليم جهة كلميم وادنون، حاملة معها نفس الوجوه ونفس الخطاب. نسخة هذا العام جاءت بدعم سخي من المجلس الإقليمي لسيدي إفني بلغ 100 مليون سنتيم، في وقت تعاني فيه جماعات الإقليم من هشاشة بنيوية وغياب البنيات الأساسية.

جماعة مستي لا تزال تفتقر لملعب بمواصفات حديثة، وتكتفي بملعب ترابي يعود لعقود، فيما تعيش عشرات الدواوير حرمانا مستمرا من الماء الصالح للشرب. أما دواوير جماعة صبويا، فتعاني من غياب تغطية شبكات الاتصال، وهو واقع بلغ صداه قبة البرلمان دون أي تغيير على الأرض.

رغم كل هذه الحاجيات، يُوجَّه الدعم العمومي إلى تظاهرة إعلامية لا تترك أثرا على أرض الواقع، ولا تقدم إضافة نوعية للمشهد المحلي. نفس الأسماء تفوز في كل نسخة، ونفس الجهة تضمن الحضور والتتويج، ما يجعل الحديث عن تكافؤ الفرص أو الاعتراف بالكفاءة مجرد ادعاءات لا تجد ما يبررها. وتزداد الصورة تعقيدا حين يتبين أن لا وجود فعلي للجنة تحكيم مستقلة أو معلنة، حيث لا تُعرف أسماء أعضائها، ولا تُعرض الأعمال الفائزة أو حتى المرشحة، ما يعكس غياب الشفافية وتناقض خطاب الجائزة مع ممارستها. الجوائز تُوزَّع في الخفاء، والمعايير تظل طي الكتمان، مما يفرغ الحدث من أي مضمون تنافسي حقيقي.

ومع مرور هذه الجائزة على كل أقاليم جهة كلميم وادنون، يبدو أن نفس السيناريو يعاد بنفس الوجوه وبنفس المسارات، بدءا من مدينة كلميم مرورا بآسا وطانطان وصولا إلى سيدي إفني، دون أثر تنموي أو إعلامي يُذكر، مما يفتح الباب أمام طرح فرضيات حول مستقبل هذا الحدث، وإن كان سيواصل دورانه داخل الجهة أو سيتجه نحو جهات أخرى بحثا عن دعومات سخية جديدة.

في مدن طانطان وآسا، لم تترك النسخ السابقة سوى استياء متجدد بعد أن التهمت الملايين من الميزانيات دون أي أثر ملموس. وتجدد هذا الاستياء في سيدي إفني، خاصة مع استمرار منطق الإقصاء في الدورات التكوينية التي ظلت تفتقر لأي إعلان رسمي أو آلية شفافة للولوج.

وفي هذا السياق، لم يتردد بعض الفاعلين في وضع فرضية تقول إن هذا الدعم السخي مرتبط بتغاضي نخبة هامة من إحدى التمثيليات الجهوية عن الوضع التنموي الهش، وعن واقع البنيات التحتية التي تعيشها الأقاليم، في مقابل الترويج لتظاهرة لا تحمل من الصحافة سوى العنوان، ولا تقدم للإعلام سوى واجهات شكلية تخفي خلفها الكثير من الالتباس.

أما عن التنقل المتكرر لهذا النشاط بين مدن الجهة، فقد بات يجد تفسيره لدى كثيرين في سيرة من يقف وراء الحدث، المعروف بتعدد تنقلاته المهنية بين القطاعات، وكأن الأمر امتداد لأسلوب اشتغال يتجاوز الطابع الإعلامي ويدخل في حسابات أوسع.

في ظل هذا الواقع، تبرز حاجة ملحة لإعادة ترتيب الأولويات في صرف المال العام، ووقف الدعم عن المبادرات التي لا تحمل أي أثر ملموس، وتكريس الشفافية والإنصاف في كل ما يُقدَّم باسم الإعلام والثقافة.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *