الإنتخابات البلدية 2027 بالعيون : الإستقلال في موقع القيادة لكن المفاجآت واردة

هيئة التحرير4 يوليو 2025
الإنتخابات البلدية 2027 بالعيون : الإستقلال في موقع القيادة لكن المفاجآت واردة

 

مع اقتراب الاستحقاقات البلدية لسنة 2027، تبدو مدينة العيون، كبرى حواضر الأقاليم الجنوبية، مقبلة على لحظة سياسية مفصلية، وسط تساؤلات حول قدرة حزب الاستقلال على الحفاظ على موقعه المهيمن، وإمكانية بروز بدائل حزبية أو محلية قادرة على إعادة تشكيل المشهد الجماعي.

فمنذ سنة 2013، ظلّ حزب الاستقلال اللاعب الأول في جماعة العيون، متكئًا على نفوذ مولاي حمدي ولد الرشيد، أحد أبرز الوجوه السياسية في الصحراء، والذي قاد المجلس الجماعي بقبضة تنظيمية قوية منذ 2006. وقد رسّخ الحزب موقعه من خلال فوزه بأغلبية مريحة في ثلاث دورات انتخابية متتالية (2013، 2015، 2021).

في انتخابات 2021، حصل حزب الاستقلال على 20 مقعدًا من أصل 43، مقابل تراجع ملحوظ لحزب التجمع الوطني للأحرار، وصعود نسبي لحزب الأصالة والمعاصرة، بينما اكتفى العدالة والتنمية بمقعد يتيم، في مؤشر واضح على تحولات المزاج السياسي المحلي.

أما في انتخابات 2015، فقد بسط الاستقلال سيطرته الكاملة، محققًا أغلبية ساحقة، ومشكّلاً المكتب المسير للمجلس دون الحاجة إلى تحالفات وازنة. وعلى المنوال ذاته، كانت نتائج 2013 بمثابة تتويج لمسار طويل من بناء شبكات ولاء انتخابي محلي.

فمعطيات السياق العام تُشير إلى أن الاستقلال يظل الأوفر حظًا للفوز بانتخابات 2026، لكنّ المؤشرات الميدانية تحمل بعض المتغيرات التي قد تؤثر في موازين القوى.

أولًا، يُسجّل المراقبون السياسيون بعض التراجع في وتيرة التعبئة الميدانية لحزب الاستقلال مقارنة بالسنوات السابقة، بسبب الإرهاق التنظيمي وغياب وجوه جديدة بارزة. كما أن السياق الوطني، والتحديات الاجتماعية المتراكمة في المدينة، قد تخلق هوامش لمنافسي الحزب لاستثمارها انتخابيًا.

في المقابل، لا تزال أحزاب مثل الأحرار والأصالة والمعاصرة عاجزة عن تشكيل بديل فعلي، نظرًا لضعف تغلغلها المحلي واعتمادها غالبًا على شخصيات موسمية، مما يجعلها أقرب إلى “قوائم مساندة” منها إلى مشاريع سياسية متكاملة.

أما العدالة والتنمية، الذي شهد انهيارًا شبه تام في انتخابات 2021، ففرصه في العودة تبقى محدودة في العيون، ما لم يعيد ترتيب أوراقه عبر خطاب محلي مرتبط بهموم السكان، وهو أمر لا يظهر في الأفق القريب.

رغم أن المستقلّين (الورقة الرمادية) لم يتمكّنوا من اختراق المشهد بقوة في الدورات السابقة، إلا أن بروز بعض الفاعلين المحليين الجدد – خصوصًا من الأوساط المهنية والشبابية – قد يشكّل مفاجأة في 2026، خاصة إن تمكّنوا من بناء لوائح منسجمة ومقنعة، لكن غياب إطار سياسي واضح أو دعم تنظيمي يجعل هذه الإمكانية ضعيفة، وإن كانت غير مستبعدة تمامًا.

أما السيناريو المرجّح يتمثل في احتفاظ حزب الاستقلال بموقعه المتقدم، إما من خلال الأغلبية المطلقة أو تحالف مريح مع مكونات محسوبة على اليمين المحلي (مثل الأحرار أو شخصيات مترشحة بألوان حزبية صغيرة).

أما السيناريو الثاني فيُفترض أن تحقّق المعارضة – وتحديدًا الأصالة والمعاصرة والأحرار – اختراقًا جزئيًا قد يمنحها فرصة التأثير داخل المجلس، لكن دون تهديد فعلي للرئاسة.

السيناريو الأقل احتمالًا هو ظهور مفاجآت انتخابية من خارج الأحزاب التقليدية، عبر لوائح مدنية أو تحالفات محلية، خصوصًا في حال عزوف جزء من الكتلة الناخبة التقليدية أو ضعف نسبة المشاركة.

في العيون، كما في باقي مدن الصحراء، يبقى العامل القبلي حاضرًا بقوة في تحديد اتجاهات التصويت. وقد نجح حزب الاستقلال على مدى سنوات في نسج تحالفات دقيقة مع مكونات قبلية كبرى، جعلت منه “الوعاء الجامع” للتمثيل المحلي. لكن هذه المعادلة قد تعرف بعض التصدّع إذا لم يُجدّد الحزب آلياته التمثيلية داخل تلك البنى القبلية و السكانية.

رغم أن كل المؤشرات تميل إلى ترجيح كفة حزب الاستقلال، إلا أن الانتخابات ليست مجرد أرقام سابقة. فدينامية الأرض، وقدرة الأحزاب والمترشحين على تعبئة المواطنين، وتقديم برامج واقعية مرتبطة بالشغل، النظافة، البنية التحتية، والأمن الاجتماعي، ستكون هي الفيصل الحقيقي في صناديق 2026.

ما يحتاجه المواطن بمدينة العيون اليوم ليس فقط وجوهًا مألوفة، بل نخبًا قادرة على التجاوب مع واقع مدينة تتطور ديموغرافيًا واقتصاديًا بسرعة، وتحتاج لمجالس جماعية تواكب هذا التغير بالفاعلية والكفاءة.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *