علمت «هنا الصحراء» من مصادر مؤكدة أن الجزائر أعلنت رسميًا عن انطلاق أشغال إنشاء خط السكة الحديدية الرابط بين منجم غار جبيلات الاستراتيجي ومنطقة تندوف جنوب غرب البلاد، في خطوة تُمهّد لتحريك أحد أضخم المشاريع المنجمية في إفريقيا. وبينما يُعوّل على المشروع في إنعاش التنمية بالجنوب الجزائري، تتبدّد آمال آلاف الشباب الصحراويين من ساكنة مخيمات تندوف في أن يكون لهم نصيب من فرص التشغيل المنتظرة.
ويقع منجم غار جبيلات على بعد نحو 130 كلم من تندوف، ويُعتبر من أغنى مكامن الحديد في العالم، باحتياطات تُقدّر بأكثر من 3.5 مليار طن. وبعد سنوات من التأجيل بسبب تحديات تقنية وبنيوية، بدأت الجزائر فعليًا ربطه بشبكة السكك الحديدية الوطنية، على أن يتم نقل خام الحديد باتجاه الشمال للتصنيع والتصدير.
غير أن مصادر متطابقة أكدت في تصريحاتها لـ«هنا الصحراء» أن فرص التشغيل التي سيوفّرها المشروع ستُخصَّص بشكل حصري تقريبًا للمواطنين الجزائريين، خصوصًا أبناء ولايات الجنوب كـبشار وأدرار وتندوف، بينما سيُقصى شباب مخيمات اللاجئين الصحراويين التابعين لجبهة البوليساريو من أية فرص للعمل داخل المشروع.
ويرى مراقبون في حديثهم لـ«هنا الصحراء» أن هذا التوجّه يُعبّر عن قرار سياسي واضح من السلطات الجزائرية، التي تُفضّل إبقاء اللاجئين الصحراويين في وضعية “إدارية وإنسانية خاصة”، بعيدًا عن إدماجهم في سوق العمل الوطني، تجنّبًا لأي تداعيات قانونية أو سياسية قد تُفهم على أنها “تجنيس غير مباشر” أو تغيير في وضعيتهم كلاجئين.
وفي الوقت الذي تعيش فيه مخيمات تندوف مستويات عالية من البطالة والتهميش الاقتصادي، يُعدّ هذا الإقصاء ضربة قاسية لطموحات آلاف الشبان الصحراويين الذين كانوا يأملون في أن يُشكّل المشروع المنجمي فرصة للاندماج الاقتصادي وتحسين أوضاعهم المعيشية.
يُذكر أن الرسالة التي يبعث بها المشروع، من حيث تركيبة اليد العاملة المتوقعة، تُظهر بوضوح أن الدولة الجزائرية تفصل بين دعمها السياسي لجبهة البوليساريو، وبين إدماج ساكنة المخيمات في اقتصادها الوطني، و مع أن المشروع قد يُحوّل منطقة الجنوب الغربي إلى قطب اقتصادي جديد، فإن اللاجئين الصحراويين سيبقون – على ما يبدو – على هامش هذا التحول، في انتظار تسوية سياسية و ندماجهم في المقترح المغربي القاضي بإعطاء سكان الصحراء حكماً ذاتياً تحت السيادة المغربية على الإقليم.