تسببت وثائق مسربة لمسؤول بالمجلس العلمي للداخلة في إثارة غضب واسع بين فعاليات محلية، بعد أن طالب المسؤول – الحاصل على شهادة الباكلوريا في العلوم الإسلامية والعربية من محضرة “المُحسنين” بنواكشوط عام 2015 – بإعادة النظر في عضوية أربعة أعضاء بالمجلس العلمي المحلي الذي يترأسه.
وجاء في الرسالة الموجهة إلى الرئاسة في الرباط أن الطلب يهدف إلى “تعزيز فعالية المجلس” عبر استبعاد أعضاء “لا تتوفر فيهم الشروط العلمية”، وفق تعبيره، مُبرراً ذلك بافتقارهم للمؤهلات الأكاديمية والقدرة على المشاركة الفعَّالة. إلا أن مصادر محلية رأت في الخطوة محاولة لاستهداف أبناء المنطقة المنتمين إلى زوايا دينية عريقة، وتحجيم نفوذهم لصالح توجهات تُهمّش الدور التاريخي لهذه الزوايا.
اعتمد المسؤول في طلبه على اتهامات تفيد بأن الأعضاء الأربعة يفتقرون إلى الحد الأدنى من التأهيل العلمي، حيث وصف العضو الأول بعدم القدرة على الإفتاء أو التأطير، والثاني بأميَّته وضعف مشاركته، بينما استند في استبعاد الثالث والرابع إلى غياب مؤهلاتهم العلمية وتقدمهم في السن على التوالي. ورغم تأكيد الرسالة على ضرورة “تجويد أداء المجلس” تماشياً مع توجيهات الملك محمد السادس، إلا أن محتواها أثار تساؤلات حول دوافعها الحقيقية، خاصة مع الإشارة إلى تعزيز المجلس بــ”كفاءات جديدة” ذات خلفيات أكاديمية، ما عزز شكوكاً بوجود أجندة تستهدف إقصاء الوجوه المحلية التقليدية.
ويواجه المسؤول المعني بالقضية انتقادات حادة من نشطاء وأعيان بالمنطقة، الذين اعتبروها محاولة لفرض وصاية خارجية على المؤسسات الدينية المحلية، وتهميشاً لأصحاب الزوايا الذين لعبوا دوراً تاريخياً في الحفاظ على الهوية الدينية والاجتماعية. وأكد متحدثون لـ”هنا الصحراء” أن الاستبعاد المطلوب يستهدف شخصيات ذات مكانة روحية بارزة، معتبرين أن المعايير “الأكاديمية” المُستخدمة تُغيب الاعتراف بالعلم الشرعي التقليدي الموروث، الذي تُعد الزوايا حاضنته الرئيسية. كما طالبوا بمراجعة شاملة لسياسات التعيينات، تحفظ التوازن بين التأسيس الأكاديمي والرصيد العلمي المحلي، وتجنب إثارة النزاعات داخل الجسم الديني الذي يُفترض أن يكون جامعاً للجهة.