بين الاغتراب و الحدود : شهادة تكشف الوجه الآخر للصحراء و الساحل

بيري محمدو9 سبتمبر 2025
بين الاغتراب و الحدود : شهادة تكشف الوجه الآخر للصحراء و الساحل
بيري محمدو

 

شهادة شخصية تكشف خبايا الصحراء و الساحل بعيداً عن الخطاب الرسمي

على امتداد الصحراء الكبرى و منطقة الساحل، تتقاطع مسارات السياسة و الجغرافيا و الإنسان.

تجربة العيش في تيندوف مرورا ب 12 اكتوبر و27 فبراير و 9 يونيو و نخلتي اعوينت بلكرع و بئر تغشيت،والبير لحلو التفاريتي، ولحفيرة تكشف واقعاً ظل بعيداً عن الأضواء، حيث قسوة الطبيعة تلتقي مع هشاشة الوضع الإنساني والسياسي.

في تلك الاجواء ، لم يكن القلم مجرد وسيلة للتعبير، بل أداة مقاومة في زمن محدود المصادر الإعلامية، حيث ظل الراديو و الأشرطة البالية نافذة شبه وحيدة على العالم الخارجي.

هذه التجربة تعكس ما عاشه جيل كامل من الشباب الذين وجدوا أنفسهم بين خيارين: الارتماء في منفى بلا أفق، أو البحث عن مسارات بديلة عبر طرق وعرة.

الرحلة اتخذت مساراً أوسع عبر موريتانيا الزويرات شمالا حتي روصو جنوبا ومرورا بالحوض الشرقي شرقا تمبدغة والنعمه والسنغال دكار وكولخ مروراً بكازامانس ذات الحضور الثوري، وصولاً إلى غامبيا الصغيرة التي تقف على ضفاف نهر فارافونيا. مسارات الهجرة هذه تكشف حجم الترابط بين أزمات الصحراء وما يجري في غرب إفريقيا، حيث تتحرك الجماعات، والأفكار، وحتى الثورات عبر الحدود بسهولة تفوق قدرة الحكومات على الضبط والسيطرة.

بداية الرحلة ونهايتها شكلت محطة مركزية، عكست التوتر بين ذاكرة المنفى وطموحات الاندماج.
من الدار البيضاء والرباط، اللتين مثّلتا فضاءً سياسياً و إعلامياً حيوياً في تلك المرحلة، إلى مدن الصحراء مثل العيون والسمارة والداخلة، وصولاً إلى الحسيمة (الريف) في أقصى الشمال، ظل القاسم المشترك هو البحث عن الاستقرار في مقابل استمرار النقاش حول التنمية والهوية.

هذه التجربة الفردية تلخص مأساة وسؤالاً أوسع:
هل استطاعت الدولة ومعها دول الجوار أن تقدم حلولاً مقنعة لأزمات المنفى والتيه؟
أم أن الاوضاع ما زالت شاهدة على غياب تسويات سياسية وإنسانية مستدامة؟
بالنسبة للمراقبين الدوليين، لا يمكن النظر إلى هذه الشهادة خارج سياق الساحل والصحراء، حيث تلتقي أزمات اللجوء والهجرة والهوية مع تحديات الأمن والتنمية.

وبين ذاكرة الرحلة والأمل في مستقبل أفضل ، يبقى الإنسان العادي هو الحلقة الأضعف في معادلة تتجاوز الحدود الوطنية إلى رهانات إقليمية ودولية أوسع.

*عضو الاتحاد العالمي للصحفيين و الإعلاميين و عضو الشبكة الاوروعربية للصحافة و السياحة

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *