الجيش الجزائري يحرق عشرة شبان تشاديين وهم أحياء في منجم ذهب

رئيس التحرير18 يوليو 2025
الجيش الجزائري يحرق عشرة شبان تشاديين وهم أحياء في منجم ذهب

 

تلاشت أحلام عشرة شبان تشاديين إلى رماد في قلب الصحراء الجزائرية، بداية الأسبوع الحالي، كانت هذه هي نهاية مأساوية لرحلة البحث عن لقمة العيش، حيث يُزعم أنهم لقوا حتفهم حرقاً على يد القوات الجزائرية خلال عملية عسكرية في منطقة تعدين للذهب.

فقد كان الشبان العشرة، المنحدرون من قريتي سيديري وكينجي بمقاطعة دبابا (جنوب تشاد)، يمارسون نشاط التنقيب التقليدي عن الذهب في منطقة نائية جنوب الجزائر. هذه المناطق غالباً ما تشهد عمليات تعدين غير قانونية. ووفقاً لشهود عيان، داهمت عناصر من الجيش الجزائري مواقع التعدين. في لحظات الذعر، هرع العمال التشاديون للاحتماء داخل حفرة في المنجم، ظناً منهم أنها ستوفر لهم ملاذاً. لكن الأقدار قادتهم إلى نهاية مأساوية وغير متوقعة؛ حيث يُتهم عناصر الجيش الجزائري بصب البنزين داخل الحفرة وإشعال النيران، مما أدى إلى وفاة الشبان حرقاً. فقد عُثر على جثثهم المتفحمة بالقرب من مخيمهم المتواضع، لتكون شاهداً على هول الفاجعة.

وحتى لحظة إعداد هذا التقرير، لم يصدر أي تعليق رسمي من السلطات الجزائرية أو الحكومة التشادية بشأن هذه الواقعة المروعة. فهذا الصمت الرسمي يزيد من حدة الألم والغضب لدى عائلات الضحايا والمجتمع التشادي عموماً. حيث تطالب عائلات الضحايا، التي لا تزال تحت وطأة الصدمة، بكشف الحقيقة الكاملة ومحاسبة المسؤولين عن هذه الجريمة الشنيعة. علاوة على ذلك، أطلق حزب الديمقراطيين من أجل التغيير (PDR) في تشاد نداءات دبلوماسية قوية، فأصدر بياناً صحفياً يدين فيه بشدة هذه “المجزرة الوحشية”. وقد حمّل الحزب السلطات الجزائرية كامل المسؤولية، واصفاً ما حدث بأنه “انتهاك جسيم لحقوق الإنسان”. وطالب حزب PDR الحكومة التشادية بالتحرك الفوري على الصعيد الدبلوماسي، بما في ذلك استدعاء السفير الجزائري في أنجمينا، وسحب السفير التشادي في الجزائر، وفتح تحقيق شامل مع الحكومة الجزائرية.

وفي سياق متصل، تُسلّط هذه المأساة الضوء مجدداً على المخاطر الجسيمة التي يواجهها الشباب التشاديون خلال هجرتهم الاقتصادية نحو شمال إفريقيا. تدفعهم الظروف الاقتصادية الصعبة في بلادهم للمغامرة بأرواحهم في رحلات محفوفة بالمخاطر، غالباً ما تكون في مناطق غير قانونية وخطرة، بحثاً عن بصيص أمل في لقمة العيش. تُثير هذه الفاجعة تساؤلات ملحة حول ضرورة تأمين سبل العيش الكريم داخل الوطن، وتوفير بدائل حقيقية تمنع الشباب من المجازفة بأرواحهم خارج الحدود في ظل هذه الظروف القاسية.

وفي هذا الصدد، تتزايد الدعوات لتدخل المنظمات الدولية وحقوق الإنسان في ظل غياب أي تصريحات رسمية حول الحادثة. فمن المتوقع أن تدعو منظمات مثل منظمة العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش إلى تحقيق مستقل وشفاف في الحادثة، والضغط من أجل محاسبة المسؤولين.

كذلك، قد يصدر مكتب المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان بيانات تعرب عن القلق، وتُذكر بالالتزامات الدولية لحماية المدنيين. وأيضاً، يمكن لتشاد أن ترفع القضية إلى الاتحاد الأفريقي لطلب الوساطة والتحقيق، نظراً لدوره في تعزيز السلم والأمن وحقوق الإنسان في القارة.

لذلك، تُشكل هذه المأساة جرحاً غائراً في المجتمع التشادي، وتترك علامات استفهام كبيرة حول مصير الشباب الذين يغامرون بحياتهم بحثاً عن فرص العيش الكريم. فمتى ستُصان كرامة وحياة الشباب التشاديين، أينما حلوا وارتحلوا؟ إنها فاجعة تدق ناقوس الخطر، وتدعو العالم إلى التضامن مع عائلات الضحايا ومطالبتهم بالعدالة التي يستحقونها، علّ أصواتهم المكتومة تجد صدىً ينهي كابوس الموت في الصحراء.

هنا الصحراء : تشاد

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *