في تطور خطير يعكس هشاشة المنظومة الرقمية بالمغرب، وجدت مؤسسات حكومية نفسها مضطرة لتعليق خدماتها الالكترونية، بعد تعرضها لسلسلة اختراقات سيبرانية هزت الثقة في مشروع الرقمنة الذي راهنت عليه الدولة في السنوات الاخيرة. آلاف المواطنين تفاجأوا بشاشات متجمدة ومواقع رسمية تعتذر عن خدماتها تحت ذريعة الصيانة، في حين ان السبب الحقيقي كان موجة هجمات الكترونية غير مسبوقة، استهدفت البنية التحتية للمعلومات بعدد من الادارات.
اخطر هذه الهجمات طال النظام المعلوماتي للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي CNSS، حيث تم تسريب معطيات شخصية ومالية بالغة الحساسية، جرى تداولها عبر تطبيقات التراسل الفوري، ما كشف عن ضعف في انظمة الحماية لدى مؤسسة يفترض ان تكون نموذجا في الامان السيبراني. لم يتوقف الامر عند هذا الحد، بل امتد ليشمل منصات خدماتية حيوية مثل موقع المقاول الذاتي، الذي تم اختراقه وتشويه محتواه برسائل ورموز ذات طابع انفصالي، مما اثار موجة غضب واستنكار واسعين.
وفي وقت كان من المنتظر ان تواجه الدولة هذه الازمة باجراءات استثنائية وشفافية تواصلية، اختارت الجهات المسؤولة الصمت، مكتفية باغلاق المواقع المتضررة تحت غطاء الصيانة، دون توضيح مدى حجم الضرر او وضع جدول زمني دقيق لاعادة تشغيل الخدمات. هذا الغموض زاد من قلق المواطنين، وحول تجربة الرقمنة من مشروع واعد الى مصدر قلق يومي.
غير ان المشهد الاكثر تعبيرا عن حجم الصدمة والخوف من تكرار الاختراقات، سجل بجهة كلميم وادنون، وتحديدا داخل المحافظة العقارية، حيث تقرر بشكل مفاجئ تعليق العمل بالانظمة الرقمية والعودة الى المعاملات الورقية التقليدية. هذا الهروب الى الورق، الذي اعتبره كثيرون خطوة تراجعية، جاء كمحاولة لتفادي اي اختراق محتمل قد يعرض بيانات الملكية العقارية للخطر. ومع ان الاجراء قد يبدو وقائيا، الا انه كشف عن غياب خطط بديلة لمواجهة الازمات السيبرانية، كما اعاد المواطنين الى اجواء الانتظار الطويل والاجراءات المعقدة، بعد ان كانوا قد بدأوا يتلمسون بعض ملامح الادارة الرقمية.