هنا الصحراء | هيئة التحرير
مدينة طرفاية لم يشفع لها تاريخها الحافل العريق لتصبح ضحية صراع حزبي و قبلي، كأول عمالة بالصحراء، لرفعها إلى المكانة اللائقة بها حيث لا زالت منذ استقلالها في 15 أبريل 1958 تتجرع مرارة التهميش والإهمال ، وتنمو على إيقاع بطيء مقارنة مع باقي مناطق جهة العيون الساقية الحمراء.
منذ القديم امتدت إلى طرفاية أطماع البرتغاليين و البريطانيين و الاسبانيين نظرا لموقعها الاستراتيجي، وعرفت بكونها محطة للبريد الجوي “سانت إكزوبيري” بين أوروبا والسنغال، ومنها انطلق جيش التحرير بالجنوب وتأسست بها أول عمالة امتد نفوذها حتى مدينة أكادير منذ سنة 1958 إلى 1963 ، قبل أن يتم إلغاؤها بدون مرسوم، وأنشئت بها أول إذاعة جهوية، وظلت المنطقة الوحيدة المحررة بالأقاليم الجنوبية إلى أن فتحت هذه المدينة ذراعيها لاستقبال 350 ألف متطوع ومتطوعة في المسيرة الخضراء.
إضافة إلى ذلك تتوفر طرفاية على مؤهلات سياحية متمثلة في جمال شواطئها ووجود مآثر عمرانية على رأسها “كاسامار” أو دار البحر التي يعود تاريخ بنائها على صخرة وسط البحر إلى سنة 1882 حيث بنتها الإمبراطورية البريطانية لحراسة أساطيلها في عرض المحيط الأطلسي، وفي ذات السياق يتوافد عدد هام من السياح لإحياء ذكرى “سانت إكزوبيري” بمدينة طرفاية التي يوجد بها متحف لصون ذاكرة هذا الكاتب والطيار والرحالة العالمي .ولم تستفد طرفاية منذ استقلالها مما يغير وجهها البئيس حيث يفاجأ زائرها بهشاشة بنياتها التحتية، فالشوارع والأزقة غير معبدة تجتاحها الرمال والأتربة ولولا المساعدة البلجيكية لإنشاء محطة تحلية مياه البحر التي ساهمت في التخفيف من معاناة السكان لاضطر معظمهم إلى الهجرة، كما عملت الحكومة البلجيكية على حل مشكل الصرف الصحي في الوقت الذي عجز المسؤولون المحليون عن تعبيد الشوارع وإصلاحها بإزالة مخلفات الأشغال.وتعاني طرفاية من مشكل البعد عن الطريق الوطنية رقم 1 الرابطة بين طانطان والعيون، وعدم الارتباط بالشبكة الوطنية للكهرباء حيث يشتكي المواطنون البالغ عددهم حوالي 12 آلاف نسمة من الانقطاعات المتتالية للتيار الكهربائي وما ينتج عن ذلك من خسائر في الأجهزة المنزلية بسبب الأعطاب، و قد فوت انعدام هذه الطاقة الحيوية على طرفاية عدة استثمارات من شأنها المساهمة في تغيير صورة المدينة والمستوى الاجتماعي لساكنتها التي تعتمد بالدرجة الأولى على بعض الحرف الهامشية والصيد التقليدي وبطائق الإنعاش الوطني.
وفي ظل هذه الوضعية أصبحت المدينة منذ أواخر التسعينيات محطة للهجرة السرية نحو جزر الكناري عبر قوارب الموت، وظهر ناشطون يحترفون تهريب البشر، وهي ممارسة دخيلة على المنطقة غذتها عوامل الإقصاء والتهميش الاقتصادي والاجتماعي، ويتحدث عدد من السكان عن نشاط متزايد في تهريب المخدرات على امتداد الشواطئ الشاسعة لطرفاية والتي تستعصي على الرصد والمراقبة حسب مصادر أمنية، هذا في الوقت الذي لم يخفي العديد من أرباب بواخر الصيد بكل من ميناء العيون وطانطان امتعاضهم الشديد جراء المنع الشفوي من طرف بعض المسؤولين للعديد من بواخرهم التي تحاول إفراغ منتوجها السمكي بميناء طرفاية و الذي يتم اصطياده ما بين10 إلى 20 ميل ،حيث يضطر هؤلاء إلى تفريغ حمولة بواخرهم بكل من العيون أو طانطان مما يعرض المنتوج إلى فقدان الجودة نظرا للمسافة التي تقطعها هذه البواخر والتي تصل إلى 40 ميل بحري.
و بخصوص مساهمة المجالس المنتخبة في تنمية مدينة طرفاية، فهي محدودة نسبيًا و لا ترقى الى الدعم المقدم لهذه المجالس بسبب التبذير و حُسن تسيير الأموال العمومية المرصودة للمجالس المُنتخبة، افتقار المدينة الى كفاءات محلية ضمن أعضاء المجالس قادرين على تدبير الشأن المحلي.
أما الشماعة التي يعلق عليها المجلس البلدي فشله الملحوظ هي أن رئيس جهة العيون “سيدي حمدي ولد الرشيد” يقصي بلدية طرفاية من الدعم المالي المرصود للمجالس الترابية التابعة لجهة العيون، بسبب لونها الحزبي و القبلي من أي دعم صادر عن مجلس جهة العيون.