آيت بعمران.. ذاكرة الانتفاضة التي لا تنطفئ

رئيس التحرير24 نوفمبر 2025
آيت بعمران.. ذاكرة الانتفاضة التي لا تنطفئ

تستحضر منطقة آيت بعمران، ومعها الذاكرة الوطنية المغربية، في مثل هذا الوقت من كل عام واحدة من أبرز المحطات النضالية التي طبعت تاريخ الجنوب المغربي، والمتمثلة في انتفاضة قبائل آيت بعمران ضد الوجود الاستعماري خلال خمسينيات القرن الماضي. ورغم مرور عقود طويلة على تلك الأحداث، ما تزال ذكراها حاضرة باعتبارها رمزاً للشجاعة والصمود والدفاع المستميت عن الأرض والكرامة.

 

اندلعت الانتفاضة في سياق تاريخي اتسم بتصاعد الوعي الوطني ومقاومة التغلغل الاستعماري، حيث برزت قبائل آيت بعمران كقوة اجتماعية وعسكرية لعبت دوراً محورياً في مواجهة أطماع الاحتلال. وقد عُرفت المنطقة بكونها أحد آخر معاقل المقاومة المسلحة جنوب المغرب، حيث خاض الرجال مواجهات شرسة بأسلحة تقليدية وبإمكانيات محدودة، لكن بإصرار عظیم أذهل القوى العسكرية الاستعمارية آنذاك.

 

وتشير الشهادات التاريخية إلى أن معارك آيت بعمران لم تكن مواجهة عسكرية فقط، بل كانت معركة وجود وهوية، ساهمت فيها القبائل بتلاحمها وتضامنها، وشكّلت نقطة تحول نحو استرجاع السيادة على أجزاء واسعة من التراب الوطني. كما أن رمزية الانتفاضة استمرت بعد الاستقلال، حيث احتفظت المنطقة بروح المقاومة، وواصلت الدفاع عن الحق الوطني في استرجاع الأقاليم الجنوبية.

 

وفي سنة 2025، يحيي أبناء آيت بعمران هذه الذكرى في ظل تحولات اجتماعية واقتصادية تعرفها المنطقة، حيث يجددون التأكيد على أهمية صيانة الذاكرة الجماعية، ونقل قيم الصمود والوطنية إلى الأجيال الجديدة. كما يشدد الفاعلون المحليون والباحثون على ضرورة إدماج هذه الصفحات المشرقة في المناهج التعليمية، وإحياء التراث الشفهي الذي وثّق لمرحلة مهمة من تاريخ المغرب المعاصر.

 

وتبقى انتفاضة آيت بعمران حدثاً يتجاوز حدود الجغرافيا، لأنها رسخت قاعدة مفادها أن الدفاع عن الوطن لا يقاس بحجم السلاح، بل بعمق الانتماء وصلابة الإرادة. وبين زمن الانتفاضة وسنة 2025، يظل إرث البعمرانيين شاهداً على قدرة الإنسان على صناعة التاريخ حين يؤمن بقضيته ويصون ذاكرته.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *