المركز العربي للأبحاث: قرار مجلس الأمن يكرّس الواقعية ويدعم مسار الحكم الذاتي

رئيس التحرير14 نوفمبر 2025
قرار مجلس الأمن رقم 2797: خلفياته وتداعياته على مستقبل الصحراء الغربية

نشر المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات تقريرًا تحليليًا موسعًا حول قرار مجلس الأمن رقم 2797 الصادر نهاية أكتوبر 2025، والذي أعاد ترتيب النقاش الدولي حول تطورات قضية الصحراء، ومسار العملية السياسية التي ترعاها الأمم المتحدة منذ عقود.

 

ويشير التقرير إلى أنّ القرار اعتمد بأغلبية 11 صوتًا داخل مجلس الأمن، مقابل امتناع روسيا والصين وباكستان، وهو ما يعكس – وفق المركز – تبلور ميزان قوى جديد داخل المجلس يميل إلى دعم المقاربة المغربية القائمة على “الحل السياسي الواقعي والعملي والدائم”، كما ورد في نص القرار.

 

تحولات في لغة القرار

ويبرز التقرير أن مجلس الأمن حافظ على دعوته الأطراف إلى الانخراط “بحسن نية” في العملية السياسية، لكنه في المقابل حدّد الإطار المرجعي للحل بشكل أوضح من خلال الإشارة المتكررة إلى ضرورة اعتماد مقاربة “براغماتية” و“واقعية”، في ما يعد تعزيزًا ضمنيًا لمبادرة الحكم الذاتي التي تقدم بها المغرب سنة 2007.

 

ويرى المركز أن استبعاد الإشارة المباشرة إلى “الاستفتاء” يعكس توجهًا أمميًا نحو تجاوز الخيارات التي أثبتت تعثرها خلال العقود الماضية، مقابل التركيز على حل تفاوضي قابل للتحقق وبدعم دولي متزايد.

 

خلفية النزاع ومسار التفاوض

ويقدّم التقرير قراءة تاريخية لمسار القضية منذ الحقبة الاستعمارية الإسبانية، مرورًا باتفاق مدريد سنة 1975، ثم اندلاع النزاع المسلح، وصولًا إلى وقف إطلاق النار سنة 1991 تحت إشراف بعثة MINURSO التي أنشئت أساسًا لتهيئة ظروف الاستفتاء.

 

إلا أن التقرير يوضح أن سنوات التفاوض داخل الأمم المتحدة أثبتت استحالة التوافق حول سيناريو الاستفتاء، ما دفع المجلس في السنوات الأخيرة إلى تبني مقاربة جديدة قائمة على الحل السياسي التوافقي.

 

وخلال مناقشة مسودة قرار 2797 داخل مجلس الأمن، برزت خلافات واضحة بين الدول الأعضاء، خصوصًا حول دور MINURSO ومستوى الإشارة إلى مسؤولية الأطراف، قبل أن يتم التوصل إلى صيغة وُصفت بأنها “أكثر وضوحًا في تحديد اتجاه الحل”.

 

مواقف الأطراف الرئيسية

المغرب اعتبر القرار تثبيتًا للدعم الدولي المتزايد لمقترحه للحكم الذاتي، مؤكداً أن لغة القرار تعكس تحولًا نوعيًا في موقف مجلس الأمن، خصوصًا مع دعم قوى دولية مؤثرة مثل الولايات المتحدة وإسبانيا وألمانيا وبريطانيا.

 

جبهة البوليساريو عبّرت عن رفضها للقرار، معتبرة أنه “يرسّخ الانحياز للموقف المغربي”، ويهمش مبدأ “تقرير المصير” كما تتصوره الجبهة، مؤكدة استمرارها في “الكفاح بكل الوسائل المشروعة”.

 

الجزائر رأت في القرار “اختلالًا واضحًا في التوازن” واتهمت المجلس بـ“الرضوخ لضغوط” داعمة للمغرب، مؤكدة أن الحل يجب أن يقوم – برأيها – على الاستفتاء كآلية وحيدة لتقرير المصير.

 

 

المواقف الدولية

ووفق تحليل المركز، فقد جاء القرار ليكرّس اصطفافًا دوليًا جديدًا تؤدي فيه بعض العواصم الغربية دورًا متقدمًا في دعم المقاربة المغربية، مقابل استمرار دول أخرى في تبني مواقف متحفظة أو ممتنعة.

 

غير أن التقرير يشير أيضًا إلى أن الولايات المتحدة، رغم دعمها الواضح للحكم الذاتي، ما تزال تتجنب التصعيد الدبلوماسي مع الجزائر، مراعاةً لتوازنات إقليمية مرتبطة بملفات الطاقة ومكافحة الإرهاب.

 

خلاصة التقرير

ويخلص المركز العربي للأبحاث إلى أن القرار 2797 يعزز توجّه مجلس الأمن نحو “الحل الممكن” بدل “الحل المتعثّر”، ويؤكد تراجع حضور خيار الاستفتاء داخل النصوص الأممية. غير أن التقرير يوضح في المقابل أن الطريق نحو تسوية نهائية ما يزال صعبًا، في ظل تمسك كل طرف بسقفه التفاوضي، واستمرار غياب أي مفاوضات مباشرة بين المغرب والبوليساريو.

 

ويرى المركز أن المرحلة المقبلة ستتطلب نشاطًا دبلوماسيًا أكبر من الأمم المتحدة لتجاوز حالة الجمود، مع ضرورة الضغط على الأطراف للعودة إلى طاولة الحوار، في وقت يتوقع فيه أن يستمر الدعم الدولي المتزايد للمقاربة المغربية في التأثير على مسار الملف.

لتحميل الملف الأصلي security-council-resolution-2797-background-and-implications-for-western-sahara

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *