بوجدور: قطاع النقل، أزمة لا تليق بالمواطن

كمال قابل31 أغسطس 2025
بوجدور: قطاع النقل، أزمة لا تليق بالمواطن
كمال قابل

​في مدينة بوجدور، حيث تتفاقم المشاكل التنموية، يبرز قطاع النقل كمرآة عاكسة لسوء التخطيط والإهمال. فالمواطن البسيط يواجه يومياً معاناة لا تنتهي، يجد نفسه بين خيارين أحلاهما مر: إما البحث لساعات عن سيارة أجرة نادرة، أو الرضوخ للنقل السري الذي يهدد سلامته وكرامته. هذا الواقع المرير يطرح تساؤلات جدية حول المسؤولية والتدبير في قطاع حيوي يجب أن يكون ركيزة للتنمية، لا مصدر إحباط للمواطنين.
​الوضع الحالي يطرح سؤالاً جوهرياً: كيف يمكن لمدينة بهذا الحجم أن تعتمد على 17 سيارة أجرة فقط؟ هذا العدد الضئيل لا يتماشى أبداً مع احتياجات السكان المتزايدة. هذه الندرة في سيارات الأجرة (التاكسي) تضع المواطن أمام خيارات صعبة، حيث يضطر للبحث لساعات عن وسيلة نقل آمنة وموثوقة، وغالباً ما ينتهي به المطاف في أحضان النقل السري.
​هذا النقل السري، الذي يمثله في الغالب سيارات الهوندا المخصصة أصلاً لنقل البضائع، أصبح ظاهرة منتشرة في كل زقاق وشارع في بوجدور. ورغم أن هذه السيارات توفر حلاً مؤقتاً لسد النقص، إلا أنها تشكل خطراً حقيقياً على سلامة المواطنين. هذه المركبات ليست مصممة لنقل الأفراد، ولا تخضع للمعاينة التقنية الصارمة اللازمة لنقل الركاب، مما يعرضهم لمخاطر الحوادث والتهديدات الأمنية. المواطن البسيط يجد نفسه أحياناً مضطراً للمخاطرة بكرامته وسلامته للوصول إلى وجهته، بينما المسؤولون يتابعون هذا الوضع من سياراتهم الفاخرة والمريحة التي توفرها لهم الدولة.
​هذا التناقض الصارخ بين معاناة المواطن وراحة المسؤولين يعكس فشلاً ذريعاً في التدبير والتخطيط لقطاع حيوي كالنقل. الافتقار إلى رؤية استراتيجية واضحة، وعدم توفير بدائل نقل لائقة، يؤدي إلى استمرار هذه الأزمة.
​حان الوقت لتتحرك الجهات المسؤولة بشكل فعلي، لا لإصدار الوعود الفارغة. يجب زيادة عدد سيارات الأجرة المرخصة بما يتناسب مع الكثافة السكانية، والعمل على تنظيم قطاع النقل العام بشكل يضمن سلامة المواطنين وكرامتهم. كما يجب وضع حدٍ لظاهرة النقل السري عبر توفير حلول بديلة وموثوقة، بدلاً من ترك المواطن عرضة للمخاطر.
​بوجدور تستحق أفضل من ذلك، ومواطنوها يستحقون نظام نقل يحترم إنسانيتهم ويضمن أمانهم. فهل من آذان صاغية؟

 

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *