تعيش مدن الصحراء على وقع أزمة اجتماعية متفاقمة تتمثل في الانتشار الواسع للمعطلين من حاملي الشهادات الجامعية و العليا، حيث يكاد لا يخلو بيت من شاب أو شابة يملكون مؤهلات أكاديمية و علمية تمكنهم من ولوج سوق الشغل، لكنهم يصطدمون بجدار البطالة و الانتظار الطويل.
هذه الفئة التي كان يفترض أن تكون رافعة للتنمية و الإبداع العلمي، أصبحت اليوم عالة على أسرها، ترهقها تكاليف المعيشة و تزيد منسوب الاحتقان الاجتماعي.
و رغم أن هؤلاء الشباب يتوفرون على تخصصات مختلفة تغطي حاجيات سوق العمل، فإن معاناتهم تتواصل بسبب هيمنة المحسوبية و الزبونية في التوظيف، و استقدام اليد العاملة من خارج الجهات الجنوبية الثلاث لشغل مناصب، و فرص عمل كان الأولى أن يستفيد منها أبناء المنطقة، هذا الواقع يخلق شعوراً عميقاً بالحيف و التهميش، و يدفع الكثير من الكفاءات المحلية إلى التفكير في الهجرة الداخلية أو الخارجية بحثاً عن أفق أفضل.
حيث تحول المعطلون في الصحراء إلى عنوان بارز لأزمة اجتماعية متجددة، إذ يجتمعون في تنسيقيات و جمعيات للدفاع عن حقهم في الشغل و الكرامة، و يخوضون أشكالاً احتجاجية سلمية تلفت الانتباه إلى معاناتهم، غير أن غياب استراتيجيات جادة لإدماجهم في النسيج الاقتصادي يجعل أوضاعهم تراوح مكانها، و يزيد من الفجوة بين الوعود الرسمية و الواقع المعيشي.
إن استمرار هذا النزيف الاجتماعي لا يضر فقط بمستقبل آلاف الشباب، بل يهدد أيضاً بتعطيل مسار التنمية في الأقاليم الجنوبية، حيث يفترض أن تكون الكفاءات المحلية في صلب المشاريع التنموية، و إلى أن يتم القطع مع ثقافة الزبونية و الاعتماد على معايير الاستحقاق، سيظل المعطلون الصحراويون رمزاً لجيل يملك المعرفة و القدرة، لكنه محروم من أبسط حق يضمن له الكرامة و الاندماج في المجتمع.