رجال حسن أبو الذهب «سمعة الأنقياء» : قراءة تحليلية في طاهرة الرشوة داخل جهاز الأمن بالمغرب

هيئة التحرير9 أغسطس 2025
??????????????????

 

تنتشر بين بعض الفاعلين المحليين صورةٌ عامةٌ تُصِفُ رجال الأمن بولاية العيون (التي تُشرف على أمن الجهات الجنوبية للمملكة) بأنهم «أنزه أيادي» داخل جهاز الأمن المغربي، و أن هذه الولاية لا تسجل حالات شبهة ارتشاء، هذه القراءة تحاول فحص المَيدان: ما مدى صحة هذا الانطباع؟ ما الرؤى البديلة (التفسيرية)؟ و كيف تقارن ولاية العيون بسجل حالات الرشوة المعلن في مدن و جهات أخرى بالمغرب؟

المعطيات الرسمية و الإعلامية المتاحة (ما نعرفه حتى الآن)
• على المستوى الوطني، أظهرت حصائل أجهزة الأمن خلال السنوات الأخيرة وجود قضايا مرتبطة بالفساد المالي والرشوة : تقارير إعلامية أشارت إلى أن مصالح الأمن الوطني سجلت في سنة 2024 نحو 504 قضية مرتبطة بالفساد المالي، من بينها مئات قضايا تتعلق بالرشوة واستغلال النفوذ.
• كما أن تقارير وطنية و إقليمية ذكرت ضبط حالات رشوة و مرتكبين بينهم موظفون أمنيون و مدنيون في مدن مثل مراكش، الرباط، آيت ملول وغيرها، مع فتح تحقيقات قضائية وإدارية في أكثر من واقعة خلال السنوات الأخيرة. مثال: فتح تحقيقات وتوقيفات متعلقة بشبهة رشوة في مراكش وآيت ملول.
• من جهةٍ أخرى، هناك بيانات وتقارير دولية حول مستوى الإدراك العام للفساد في المغرب؛ مؤشر مدركات الفساد لدى منظمة الشفافية يشير إلى درجات متدنية نسبياً للمملكة (مؤشرات 2024: نقطة نحو 37/100 وترتيب حوالى المرتبة 99 عالمياً)، ما يعكس صورة عامة عن تحديات الشفافية والفساد في القطاع العام بكليته.

قراءة نقدية لمقولة «لا رشوة بولاية العيون — أنظف أيادي»
1. الفرق بين الواقع القضائي/التحقيقي و الانطباع المحلي: انطباع «النظافة» قد ينبع من سلوك يومي محترف لمصالح الأمن بالعيون التي يرأسها والي ولاية أمن العيون “حسن أبو الذهب”، أو من سياسات تواصل محلية جيدة، أو من وجود قيادة إدارية و شرطية صارمة تقلل
2. مشكلةُ التبليغ و عدم الإفصاح: انخفاض عدد البلاغات أو غياب قضايا منشورة لا يعني غياب الفعل، في كثير من الأحيان تُبقَى قضايا الرشوة غير مُبلغ عنها لأسباب: خوف المُشتكين، ضعف الثقة في مسارات الشكاية، ضغوط اجتماعية أو إدارية، أو التعامل الداخلي مع الخروقات بعيداً عن الإعلام، تقارير وطنية عن قنوات «الرقم الأخضر» و غيرها أظهرت أن بعض القضايا ظهرت فقط بعد تبليغ؛ و هذا يؤشر إلى أن زيادة قنوات التبليغ تكشف مزيداً من القضايا عند تفعيلها.
3. الفرق بين أفراد و نظام: حتى إذا ثبت أن غالبية عناصر ولاية العيون يعملون بمصداقية، فإن وجود وقائع ضبطية متفرقة (ضباط أو مفتشين موقوفين في قضايا سابقة أو ضبط قضايا رشوة في محيط المدينة) يكسر المطلقات المطلقة.

مقارنة موجزة مع مدن/جهات أخرى
• جهة مراكش-آسفي ومدينة مراكش: تكاثرت في الإعلام قضايا تبليغ و توقيف في قضايا رشوة و سرقات و سلوك خارج الأطر، مع تحقيقات نيابية و إدارية.
• الرباط و الدار البيضاء: ظهرت حالات فردية كبيرة (مثل توقيفات تتعلق بضباط رفيعي الرتبة أو موظفين مهمين) و نالت تغطية إعلامية و اسعة.
• إحصائياً، تقارير الأمن تشير إلى توزيع قضايا الفساد المالي و الرشوة عبر جهات مختلفة، و ذكر تقرير أن جهات مثل مراكش آسفي تصدرت حالات الرشوة المبلغ عنها عبر خط الاتصال المباشر في حصص زمنية معينة.

استنتاجات و تحفظات منهجية
1. لا يمكن تأكيد ادعاء عدم وجود أي حالة شبهة ارتشاء بولاية العيون بصورة قاطعة إذا كانت هناك منشورات أو تحقيقات سابقة تشير إلى حوادث متفرقة — لذلك التحفظ العلمي و المنهجي يفرض القول إن: العيون قد تتمتع بسمعة طيبة و سلوك مهني عام لدى عدد كبير من عناصرها، لكن الادعاء المطلق «لا حالات على الإطلاق» لا يتطابق تماماً مع كل المعطيات المنشورة.
2. على المستوى الوطني، تبقى الرشوة قضية قائمة ومُبلغ عنها في قطاعات مختلفة؛ حصيلة 2024 التي نشرتها تقارير إعلامية تشير إلى مئات قضايا فساد مالي و رشوة قيد المتابعة، ما يجعل الحديث عن «الطهارة التامة» أمراً صعب الدفاع عنه خارج إطار تقييم مفصل و محدث.
توصيات عملية لتعزيز «النظافة» و الشفافية (موجهة لقيادة ولاية الأمن و المجتمع المدني)
• نشر حصائل دورية شفافة عن نتائج التحقيقات التأديبية و القضائية المتعلقة بالعناصر الأمنية (مع احترام القرارات القضائية).
• تفعيل قنوات تبليغ محمية و مجهولة (كالرقم الأخضر/بوابات إلكترونية محمية) و تشجيع المواطنين على التبليغ بالضمانات القانونية.
• برامج تدريبية متواصلة في أخلاقيات المهنة و الشفافية و اللامركزية في التحقيق الإداري داخل الولاية.
• تعاون مع منظمات المجتمع المدني المحلية و وسائل الإعلام المستقلة لرفع مستوى المحاسبة و الرقابة المجتمعية.

يذكر أن ولاية أمن العيون قد تتمتع بسمعة طيبة لسبب أو لآخر — قيادة ميدانية حازمة، أخلاق مهنية لدى أغلبية العناصر، أو قِلة الحالات المعلنة — لكن الوثوقية الصحفية و المنهجية تَحتِم تحفظاً : المعطيات الرسمية و الإعلامية تُظهر أن الرشوة قضايا قائمة على المستوى الوطني و في جهات مختلفة، و أن بعض الحوادث أُشير إليها في الجنوب أيضاً. من الأفضل للجهات المحلية أن تُعزز الشفافية و تحصل بيانات واضحة لقطع الطريق أمام الشائعات و لتعزيز ثقة المواطنين.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *