تعاني مدينة العيون، كبرى حواضر الصحراء المغربية، من ركود واضح في الأنشطة الثقافية والفنية، وهو ما أثار استياء فئات واسعة من المثقفين والفنانين المحليين، الذين يرون أن المدينة فقدت خلال السنوات الأخيرة جزءاً كبيراً من إشعاعها الثقافي.
و في تصريح لـ«هنا الصحراء» أكدت مصادر من داخل المديرية الجهوية للثقافة، بأن “الدعم المخصص للأنشطة الثقافية بالجهة ضعيف جداً، ولا يكاد يغطي حتى احتياجات التجهيزات المكتبية الأساسية”، مضيفاً أن الموارد المالية المرصودة من المركز لا تواكب تطلعات الفاعلين الثقافيين ولا تتماشى مع الدينامية السكانية والثقافية التي تعرفها مدينة العيون.
من جهة أخرى، يرى بعض الفاعلين المحليين في تصريحاتهم لـ«هنا الصحراء» أن المشكلة لا تكمن فقط في قلة الدعم، بل أيضاً في طريقة تدبير الميزانية الثقافية على المستوى الجهوي. وصرّح أحد الناشطين الثقافيين قائلاً: “الميزانية نفسها منذ سنوات، لكنها لا توظف بشكل شفاف ولا تُوزّع بطريقة تضمن استفادة المدينة وساكنتها من برامج ثقافية متنوعة. هناك غياب شبه كلي لبرمجة سنوية واضحة للأنشطة”.
يذكر أنه، طيلة العقد الأخير، عرفت مدينة العيون مجموعة من الأنشطة والتظاهرات الثقافية التي ساهمت في تعزيز المشهد المحلي، من بينها مهرجان العيون الدولي للشعر، ومعرض الكتاب الجهوي، وفعاليات اليوم العالمي للمسرح، بالإضافة إلى أمسيات فنية وندوات فكرية كانت تستضيف أسماء بارزة من داخل وخارج الجهة.
كما شهدت المدينة خلال بعض السنوات تنظيم قوافل سينمائية، وعروض مسرحية متنقلة، وورشات تكوينية لفائدة الشباب في مجالات الفنون التشكيلية و الموسيقى، إلا أن هذه الأنشطة تراجعت تدريجياً، ليصبح المشهد الثقافي شبه غائب خلال السنوات الثلاث الأخيرة.
وتطالب عدة فعاليات محلية بإعادة الاعتبار للعمل الثقافي بمدينة العيون من خلال اعتماد مقاربة تشاركية تشمل الوزارة والسلطات الجهوية والجماعات المحلية، إلى جانب المجتمع المدني، لضمان تمويل عادل، وتسيير شفاف، وبرمجة دائمة تستجيب لتطلعات الساكنة.