منذ أن نشب الصراع الذي من المفروض أنه يدخل في خانة صراع «حزبي» بين ينجا الخطاط رئيس جهة الداخلة و حمدي ولد الرشيد رئيس بلدية العيون، بسبب خلافات تنظيمية حزبية «تافهة» لا تعني سوى منتسبي حزب الميزان، الخلافات ذاتها كان من المفروض أن تبقى داخل تنظيم حزب علال الفاسي، و عدم إخراجها علناً و تأويلها قبلياً و لا حتى مناطقياً.
التدافع و حتى الصراع داخل أي تنظيم حزبي أو نقابي أو… هو ظاهرة صحية و شيئ إيجابي من المنظور الديموقراطي، لكن أن تُوسع نطاق و مساحة صراعك الحزبي الى ما هو (قبلي – مناطقي)، هذا يدخل في ما يُسمى بـ«النرجسية» السياسية، التي تُعتبر ضرباً تحت الحزام الذي و بدوره يعد خياراً ديموقراطياً لحل الخلافات السياسية.
نعم «ينجا ولد الخطاط»، تسلق الى أعلى المراتب التنظيمية داخل حزب الإستقلال، لكن لم يكن طموحه أن يقف الى هذا الحد فقط، رغم أن ما وصله من مناصب حزبية كان بناءً على إقتراحات من ولد الرشيد، لكن كان للرجل (الخطاط) أيضاً حسنات يمكن ان تُأهله الى ما وصل إليه حزبيا بحكم تعليمه العالي عكس ولد الرشيد .
الخطاط الذي يصفه معارضيه بمجلس جهة الداخلة بـ«الفاشل» بحكم أنه بدد أموال كثيرة في مشاريع لم يحصد منها سكان الجهة سوى السراب، ملايير السنتيمات ذهبت ادراج الرياح، أو ربما في العمل الانساني الضيق لملأ خزانه الانتخابي، اذ لم تنعكس على المستوى المعيشي لساكنة الجهة الذين يعتمدون في معاشهم على الصناعات المرتبطة بالبحر و السياحة.
أما ولد الرشيد (رجل السلطة) السابق، ربما أنه لازال يتعامل مع خصومه و حتى أنصاره بعقلية «إعطاء» الأوامر دون مناقشتها فما بالك انتقادها، الشيئ الذي جعله يتصادم فكرياً و إيدولوجياً مع السياسيين، حيث تعود ولد الرشيد على تقمص شخصية أحمد مكي «الكبير» داخل نفوذ جهة الداخلة.
ولد الرشيد الذي يصفه أصدقاءه قبل أعداءه أنه يتقمص دائما شخصية «إدريس البصري»، في تدبيره كل ملفاته الحزبية و التجارية و حتى الشخصية، و ذات الطريقة «مدرسة البصري» يُسير بها جماعة العيون .
هذا جع من الخلافات الحزبية و التدافع داخل حزب علال الفاسي، يأخذ منحى تصاعدي و إشعال نار الفتنة القبلية داخل جهتين (جهة العيون-جهة الداخلة) و صراعات في غنى عنها، و حتى الظرف السياسي الذي يمر منه ملف الصحراء لا يتحمل الإنشقاقات الداخلية للصحراويين المغاربة.
حل هذا الصراع و إعلان «وقف إطلاق النار» هو قرار لـ«الخطاط-ولد الرشيد» هما وحدهما من بيده إيقاف هذه المهزلة السياسية التي تلبس قناع حزبي، أمامهما خيارين لا ثالث لهما : إما وقف هذه المسرحية الأنانية أو ستدخل مدن الصحراء في «كارثة» شبيهة لما حصل في مخيم «أگديم إزيك» من أحداث مأساوية لا زالت المنطقة تعيش تداعياتها بعد مرور أربعة عشر سنة.