ستتحول مدينة كليميم من 20 إلى 27 يوليوز الجاري، ، على مدى أسبوع كامل، إلى منصة مفتوحة للاحتفال بالثقافة الحسانية، ضمن فعاليات مهرجان الجمل في دورته الجديدة، الذي تنظمه الجماعة الترابية للمدينة بشراكة مع مجلس الجهة وعدد من الفاعلين المؤسساتيين والاقتصاديين.
و رغم الزخم الفني والفرجوي الذي يرافق هذه التظاهرة، تباينت آراء سكان المدينة حول مردوديتها، بين من يرى فيها واجهة للاعتزاز بالهوية، ومن يعتبرها استعراضًا موسمياً لا ينعكس على واقعهم اليومي.
منذ انطلاقه سنة 2006، فرض المهرجان نفسه كتقليد سنوي راسخ في مدينة تُلقّب بـ”باب الصحراء”، حيث يراهن القائمون عليه على إبراز الإبل كمكوّن ثقافي واقتصادي أصيل، وعلى التراث الحساني كهوية حية ومتجددة. وتتوزع أهداف المهرجان بين تعزيز السياحة، دعم المنتوجات التقليدية، وتحفيز الحياة الثقافية والفنية، من خلال برمجة تشمل فنون الفروسية التقليدية، مسابقات أجمل الإبل، ندوات فكرية، معارض تراثية، وسهرات فنية يشارك فيها فنانون معروفون على الصعيدين المحلي والوطني.
خلال أيام المهرجان، تعيش كلميم على وقع حركية اقتصادية ملحوظة، خصوصًا في قطاعات كالإيواء والمطاعم والنقل والتجارة، حيث تشهد المدينة إقبالاً من الزوار والسياح، وهو ما ينعش مداخيل عدد من الحرفيين والمهنيين. كما يستفيد شباب كلميم من فرص عمل مؤقتة مرتبطة بتنظيم الفعاليات، وتوفير الأمن والخدمات اللوجستيكية. ولا تخفى على المتابعين القيمة الرمزية للمهرجان في إبراز الذاكرة الحسانية، وإعادة الاعتبار لتقاليد عريقة كالشعر الملحون، الحكاية الشعبية، اللباس التقليدي، والأكلات الصحراوية.
غير أن هذا الإشعاع الثقافي يصطدم بانتقادات متكررة تتعلق بضعف الأثر التنموي طويل الأمد، حيث يشير كثير من السكان إلى أن الحركة التجارية والاجتماعية التي يعرفها وسط المدينة تتلاشى بمجرد إسدال الستار عن المهرجان، دون أن تترك أثرًا ملموسًا على مشاريع البنية التحتية أو التنمية المحلية. ويشتكي فاعلون محليون من تغييب الكفاءات الفنية والإدارية بالمدينة، في مقابل استقدام متعهدين وفنانين من خارج الإقليم، ما يعمّق الإحساس بعدم الإنصاف لدى الفعاليات المحلية.
كما تُطرح علامات استفهام حول طبيعة الميزانيات المرصودة للمهرجان، في ظل غياب تقارير تقييمية رسمية أو معطيات مفصلة عن أوجه الصرف، وهو ما يدفع جمعيات مدنية إلى المطالبة بتكريس مبدأ الشفافية والمحاسبة في تدبير التظاهرة. وترى بعض الأصوات أن الطابع الاحتفالي الغالب على البرمجة يطغى أحيانًا على البعد التنموي، خاصة في ظل ضعف المرافق الثقافية والاجتماعية الدائمة بالمدينة، وارتفاع نسب البطالة في صفوف الشباب.
في تصريحات متفرقة، عبر عدد من سكان كلميم عن فخرهم باحتضان المدينة لمهرجان يحمل هوية الصحراء ويجذب الأنظار إلى مؤهلاتها الطبيعية والثقافية، غير أنهم طالبوا بأن تتوسع استفادة الساكنة من المهرجان لتشمل مشاريع مستدامة، ودعمًا مباشراً للحرفيين والطاقات المحلية. وبالرغم من قيمته الرمزية وتراكمه التاريخي، يبقى مهرجان الجمل في حاجة إلى مراجعة آليات تنظيمه وتدبيره، بما يضمن تحقيق توازن بين الفرح الجماعي ومتطلبات التنمية العادلة في مدينة ما تزال تبحث عن موقعها التنموي وسط جهات المملكة.