في صباح يوم الأربعاء، الحادي عشر من يونيو الجاري، استيقظ الشارع التشادي على خبر مربك ومقلق. هذه المرة، لم يكن مصدر الخبر بياناً من القوات المسلحة أو تصريحاً حكوماً، بل جاء من عاصمة تبعد آلاف الكيلومترات. وكالة الأنباء الإماراتية الرسمية (وام) نشرت بياناً لوزارة الخارجية يدين “بأشد العبارات” ما وصفته”بهجوم إرهابي جبان استهدف موقعاً للجيش في تشاد واسفر عن مقتل عدد من الجنود”. هذه المعلومات، التي تناقلتها العديد من وسائل الإعلام الخليجية، بما فيها صحيفة “خليج تايمز”، أشعلت عاصفة من التساؤلات والارتباك في البلاد، تاركاً المواطنين والمراقبين في حيرة تامة بين حقيقة غائبة وتعتيم رسمي وبيان خارجي غامض.
شرارة الجدل: بيان إماراتي يسبق الجميع
جاء البيان الإماراتي بلغة حاسمة، حيث أعربت أبوظبي عن “استنكارها الشديد لهذه الأعمال الإجرامية والإرهابية، ورفضها الدائم لجميع أشكال التطرف والإرهاب التى تستهدف زعزعة الأمن والأستقرار”. أثار هذا الإعلان المفاجئ، الذي سبق أي جهة رسمية تشادية، ردود فعل متباينة بين التشاديين، حيث علّق أحدهم:” حكومتنا لازم تعمل حسابها الشديد من الإمارات”، بينما قال أخر:” أي دولة تدخلها الإمارات تخربها. نسأل الله أن يحفظ بلدنا من الفتن”.
تزامن هذا الحادث مع توترات إقليمية، خاصة مع السودان، حيث صدرت تهديدات من مسؤولين سودانيين باستهداف مطار أم جرس العسكري في شرق تشاد، وسط اتهامات باستخدامه كقاعدة دعم لقوات الدعم السريع، التي يُزعم أنها ممولة من الإمارات. هذا السياق جعل خبر الهجوم يبدو محتملًا في البداية، ودفع البعض لتحليل الصمت الأولي للحكومة التشادية بأنه ربما كان محاولة لتجنيب التصعيد الدبلوماسي مع الخرطوم.
الجيش التشادي ينفى الشائعات ويؤكد استقرار الأوضاع.
في المقابل، نفت هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة التشادية بشكل قاطعة الأنباء التي انتشرت عبر وسائل التواصل الاجتماعي حول وقوع هجوم إرهابي على موقع عسكري في البلاد. وفي بيان رسمي، وصفت وزارة الجيوش التشادية هذه المعلومات بأنها” كاذبة وخاطئة تماماً”، مؤكدة للرأي العام الوطني والدولي أنه لم يقع أي هجوم في أي مكان داخل تشاد.
وأوضح البيان، الذي وقعه مدير الاتصالات بالجيش العميد شنّان إسحاق الشيخ، أن الوضع الآمني مستقر تماماً ولم تُسجًل أي اختراقات أو اشتباكات.
وكانت الشائعات قد ادت إلى إصدار دولة الإمارات بيان تضامن مع تشاد، تم حذفه لاحقاً بعد نفي السلطات التشادية للحادثة.
وبهذا، تؤكد الجهات العسكرية سيطرتها الكاملة على الوضع الأمنى فى البلاد.
وفي النهاية تبدت شائعة الهجوم، لكن الأسئلة بقيت معلقة في الأجواء.
ماهو مصدر المعلومات التى بُنى عليها البيان الإماراتي؟ هل كان خطأ استخباراتياً، أم رسالة سياسية مبطنة، أم جزءاً من مخطط تم إفشاله؟ حتى الآن يبقى الجواب غائباً، وتبقى هذه الواقعة الغربية تذكراً بالغموض الذي يلف أحياناً إدارة الملفات الأمنية والعلاقات الدولية في المنطقة.
هل تعتقد أن مثل هذه الحوادث قد تؤثر على العلاقات الدبلوماسية بين الدول المعنية؟
هنا الصحراء : الشيماء عبدالرحمن