منذ عقود، يواصل مولود علوات، المنتمي إلى حزب الاستقلال، ترؤس المجلس الإقليمي للعيون، في مشهد سياسي محلي يبدو و كأنه خارج منطق التداول الديمقراطي على السلطة.
فرغم أن فترة رئاسته ترافقت مع مشاريع اجتماعية و تنموية متعددة، إلا أن طريقة تسييره للشأن الإقليمي أثارت تساؤلات واسعة حول غياب التغيير، و تراجع دينامية الابتكار، و اعتماد المجلس على نفس الوجوه و الآليات منذ سنوات طويلة.
مولود علوات، الذي يصفه الإعلام الرسمي و البيانات الحزبية برجل التنمية و الدعم الاجتماعي، قاد المجلس في تنفيذ برامج البنية التحتية، دعم المبادرات الفلاحية، و تطوير بعض الخدمات الصحية و التعليمية، لكن هذه الإنجازات غالباً ما تُقدم في خطاب رسمي متكرر، يخفي خلفه واقعاً مختلفاً : بطء في معالجة ملفات اجتماعية حساسة، غياب مقاربة تشاركية واسعة مع الساكنة، و تفضيل المشاريع ذات الطابع الاستعراضي على تلك التي تمس أولويات المواطن اليومية بشكل مباشر.
أكثر ما يثير الجدل هو ما يُوصف بـ”التحكم عن بُعد” في قرارات المجلس، حيث يُنظر إلى حمدي ولد الرشيد، القيادي البارز في حزب الاستقلال و أحد أقطاب النفوذ السياسي في الأقاليم الجنوبية، باعتباره الفاعل المؤثر الحقيقي في القرارات الاستراتيجية، تصريحات ولد الرشيد نفسه، حين قال إن علوات “سيبقى رئيساً حتى يموت”، ليست مجرد نكتة انتخابية، بل تعكس ذهنية سياسية تعتبر المنصب ملكية حزبية أكثر من كونه تكليفاً شعبياً.
هذا الخطاب يغذي الانطباع بأن المجلس الإقليمي مجرد امتداد لسلطة الحزب المهيمن، بدل أن يكون فضاءً للتعددية و التنافس السياسي الشريف.
الاستمرار المديد لعلوات على رأس المجلس، مع ضعف التداول، أفرز حالة من الركود المؤسساتي، حيث غابت مبادرات إصلاحية جريئة، وتراجع الانفتاح على طاقات شبابية وكفاءات محلية جديدة، كما أن غياب آلية واضحة لتقييم المشاريع، وندرة التقارير النقدية أو المحاسبة الفعلية، جعل من الصعب قياس فعالية الإنفاق العمومي أو مدى استجابته لحاجيات المواطنين.
إن تجربة مولود علوات في المجلس الإقليمي للعيون تقدم مثالاً واضحاً على معضلة التسيير المحلي في ظل هيمنة حزب واحد، حيث يصبح المنصب مرتبطاً بالأشخاص لا بالبرامج، و تتحول التنمية إلى ورقة انتخابية دائمة، بدل أن تكون مشروعاً مؤسسياً مفتوحاً للنقاش و المساءلة. و بين ما يروج من إنجازات و ما يلاحظه المتابعون من اختلالات، تظل الحاجة قائمة لإعادة النظر في النموذج المحلي للتدبير، بعيداً عن سياسة التحكم و الوجوه الأبدية.