في الحلقة الرابعة من سلسلة “كشف الحقائق بالوثائق”، يسلّط طارق الدرهم الضوء على واحدة من أكثر المحطات غرابة في مسار بحثه عن العدالة، حين تقدّم بشكاية رسمية أمام النيابة العامة بالمحكمة الابتدائية بالعيون. فرغم إيداعها عبر البريد المضمون مرفوقة بإشعار بالتوصل، فوجئ بقرار حفظها بدعوى وجود “سبق بحث” في الموضوع.
غير أن المفارقة الكبرى ظهرت حين تمكّن المشتكى به نفسه من الحصول على مآل الشكاية، رغم أنه لم تُفتح بشأنها أي مسطرة بحث من الأصل، ما يطرح أسئلة جدية حول كيفية خروج معطيات من المفترض أن تكون خاضعة للسرية المهنية داخل مؤسسة قضائية يُفترض فيها الانضباط والدقة.
و بعد أشهر، تقدّم صاحب الشكاية بالملف نفسه إلى رئاسة النيابة العامة بالرباط، لتتم إحالته مجدداً على النيابة العامة بابتدائية العيون للاختصاص. هذه الأخيرة أمرت هذه المرة بفتح بحث شامل، تضمن الاستماع للأطراف، والتنقل إلى جماعة العيون، والاطلاع على السجلات والناظم الآلي، قبل أن تُحال القضية على النيابة العامة لدى محكمة الاستئناف، بعدما تبين أن الوقائع تكتسي طابعاً جنائياً.
المثير في الأمر أن هذه الأفعال نفسها كانت قد حُفظت سابقاً دون أي بحث، بدعوى “سبقية البحث” التي لم تكن موجودة أساساً.
اليوم، أصبح المعني بالشكاية موضوع ملف رائج أمام محكمة النقض، بينما يظل السؤال مفتوحاً: إذا كان هذا ما حدث مع شكاية واحدة مدعومة بوثائق وأختام وتواريخ واضحة، فماذا عن باقي الشكايات التي تم حفظها رغم توفر أدلة تثبت وقوع مخالفات خطيرة؟
و يؤكد طارق الدرهم أن جميع الوثائق التي تدعم ما ورد في هذا المنشور موجودة بحوزته.




































