محمد الخياط أول “صحفي” صحراوي…سيرة صوت إذاعي ما زال يملأ ذاكرة الصحراء

رئيس التحرير14 نوفمبر 2025
محمد الخياط أول “صحفي” صحراوي…سيرة صوت إذاعي ما زال يملأ ذاكرة الصحراء

 

تمر ثلاث سنوات على رحيل الإذاعي الصحراوي الرائد محمد الخياط، أحد أبرز الأصوات التي طبعت تاريخ الإذاعة بالصحراء خلال فترة الإستعمار الإسباني الصحراء، و برحيله فقدت المنطقة أحد أعمدتها الثقافية و الإنسانية، لكن سيرته ما زالت حاضرة في ذاكرة المستمعين و المهتمين بتاريخ الإعلام المحلي، حيث كان ضمن أول وفد صحراوي ذهب لأداء مناسك الحج من العيون خلال حقبة الإستعمار الإسباني للصحراء.

مسار بدأ في زمن الاستعمار

وُلد محمد الخياط سنة 1925 في أسرة علم و صلاح من أهل الطالب أحمد من قبيلة ازركيين، و نشأ في بيئة تعطي للكلمة قيمتها و للصوت مكانته، مع مطلع الستينيات التحق بإذاعة العيون في ظل الوجود الإسباني، ليصبح بسرعة من أبرز المذيعين الذين ارتبط صوتهم بالنشرات الرسمية و البلاغات المحلية.

كان صوته المتزن وقدرته على الإلقاء بلغته الحسّانية الراقية سبباً في أن يُعتمد عليه في أهم البرامج والمواعيد الإخبارية، ليصبح واحداً من الوجوه المهنية القليلة التي جمعت بين اللغة و الرصانة و التجربة الميدانية.

“طلبات المستمعين”.. برنامج صنع علاقة خاصة بينه وبين الناس

نال الخياط شهرته الواسعة بفضل البرنامج الإذاعي الشهير “طلبات المستمعين” الذي قدّمه رفقة زميله الراحل بناهي ولد لمحيفيظ ولد عياش، و بفضل أسلوبه الهادئ و حضوره الإنساني، تحول البرنامج إلى جسر يومي يربط الإذاعة بالبوادي و المناطق النائية و المرضى و الجنود و المسافرين.

كان الخياط يقرأ الرسائل بنفسه و يمنحها روحاً خاصة، و يختار الأغاني التي تحمل أملاً و تخفف عن المستمعين، مؤمناً بأن الإذاعة ليست مجرد موجات بل رفيق حياة.

ثقافة واسعة و ذاكرة لا تُعوض

اشتهر الراحل بثقافته الواسعة ومعرفته الدقيقة بتاريخ الصحراء و قبائلها و أعلامها، إضافة إلى خبرة في الجغرافيا الميدانية جعلت منه مرجعاً لمن عرفوه أو اشتغلوا معه، و كان حديثه عن الشعر الحساني و العادات القديمة يجذب كل من يجالسه، سواء في محيطه العائلي أو المهني.

إرثٌ يستحق التوثيق

رغم رحيله دون تكريم رسمي، إلا أن أثره باقٍ في الأجيال التي تعلمت منه الإذاعة بوصفها مهنة قائمة على الاحترام والأخلاق والإنصات للناس. وقد بدأت في السنوات الأخيرة جهود غير رسمية من باحثين وإعلاميين لجمع ما تبقى من تسجيلاته وشهادات معاصريه من أجل توثيق تاريخ الإذاعة في الصحراء، والذي يحتل الخياط فيه مكانة مركزية.

عائلة تواصل حفظ ميراثه

بعد ثلاث سنوات على رحيله، ما تزال أسرته—وخاصة ابناه عمر وكلثوم وأحفاده—تحرص على حفظ ذكراه ونقل سيرته للأجيال الجديدة، معتبرين أن أكثر ما تركه الراحل هو قيم التواضع والصدق و خدمة الناس.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *