سجل المجلس الوطني لحقوق الإنسان مجموعة من الإختلالات في تقريره السنوي للوضعية الحقوقية بالمغرب سنة 2023، بداية باستمرار إصدار أحكام بعقوبة الإعدام، التي بلغت 83 حكماً، منهم 81 حكماً نهائياً، رغم التنصيص الدستوري على الحق في الحياة وعدم المس بالسلامة الجسدية أو المعنوية لأي شخص.
و أبرز المجلس أيضاً تزايد عدد الشكايات و الطلبات، حيث توصل المجلس و آلياته الوطنية و لجانه الجهوية بـ 3318 شكاية، منها 280 شكاية من نساء أو فتيات ضحايا العنف، و276 شكاية تهم حقوق المهاجرين، وارتفاع وتيرة لجوء الأفراد والمجموعات إلى التشكي لدى اللجان الجهوية كآليات انتصاف على المستوى المحلي.
كما نبه المجلس إلى تزايد نسبة الشكايات المتعلقة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية، كمؤشر على حجم التحديات التي يواجهها الأفراد في الولوج إلى الخدمات الأساسية المرتبطة بهذه الحقوق، وتزايد الشكايات المتعلقة بالحق في بيئة نظيفة ومستدامة والحق في الماء، وهو ما يمكن تفسيره بالأوضاع الصعبة المرتبطة بحالة الإجهاد المائي غير المسبوق الذي عرفته البلاد منذ سنة 2022 وتواصل سنة 2023، حسب التقرير ذاته.
واستنكر التقرير السنوي اتساع مجالات الشكايات المتعلقة بالمس بالحياة الشخصية، وهو ما يعكسه تزايد لجوء المواطنين إلى المجلس الوطني لحقوق الإنسان باعتباره آلية انتصاف غير قضائية. ويؤكد، وفق التقرير، الطابع الاستعجالي لتعزيز دينامية الإصلاح الجاري من أجل قضاء عادل ونزيه وفعال.
وسجل المصدر ذاته 249 حالة وفاة في أماكن الحرمان من الحرية، و1357 حالة إشعار بالإضراب عن الطعام حسب معطيات المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج، فيما قام المجلس ولجانه الجهوية بـ 285 زيارة لمؤسسات سجنية أعدت بشأنها تقارير مشفوعة بتوصيات لضمان حقوق النزلاء والنزيلات، وأحيلت على الجهات المختصة.
كما تلقى المجلس ولجانه الجهوية، حسب التقرير ذاته، 3 شكايات يدعي أصحابها تعرضهم للتعذيب، مؤكداً أن المجلس حرص على متابعتها حيث تم إخضاعها للتحقيق وتم اتخاذ الإجراءات الإدارية في انتظار إصدار الأحكام. كما توصل المجلس ولجانه الجهوية بـ 149 شكاية تتعلق بادعاءات سوء المعاملة، مشيراً إلى أنه بعد التحري والزيارات خلص إلى أن أغلبها لا تتوفر فيها عناصر تعريف التعذيب أو المعاملة القاسية بل تهم خلافات بين المعتقلين نتيجة الاكتظاظ باعتباره يمس التمتع بالحقوق.
و أضحت آمنة بوعياش أن اختيار “إرساء دعائم نظام وطني لحماية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية”، كعنوان للتقرير السنوي هو انعكاس لعملية تركيب لمجمل ما رصده المجلس من مشاريع ومبادرات وبرامج في إطار متابعته للسياسات العمومية من زاوية المقاربة القائمة على حقوق الإنسان.
كما جاء هذا الاختيار، حسب بوعياش، تبعاً لما سجله المجلس من إشكاليات وعوائق واختلالات، مشيرة إلى أنه جرى تكثيف كل هذه العناصر وتحليلها انطلاقاً من الإطار المرجعي لعمل المجلس، وخاصة الالتزامات الدولية للمملكة والمقتضيات الدستورية. ذات الصلة بحقوق الإنسان، وعلى ضوء التحديات المرتبطة بالسياق العام وطنياً ودولياً، وهو ما يسمح ببناء العنوان التركيبي للتقرير السنوي.