عبثية الإنتماء الحزبي في الصحراء : الولاءات المصلحية و العائلية تطغى على المبدأ السياسي

رئيس التحرير21 سبتمبر 2025
عبثية الإنتماء الحزبي في الصحراء : الولاءات المصلحية و العائلية تطغى على المبدأ السياسي

 

شهدت خلال نهاية الأسبوع الجاري، مدن الصحراء، و على رأسها العيون و الداخلة و السمارة، مشهداً حزبياً يتسم بالكثير من العبثية في الممارسة السياسية، فالنشاطات الحزبية التي نظمتها ثلاثة من أبرز الأحزاب الوطنية، و هي التجمع الوطني للأحرار، حزب الاستقلال، و حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، كشفت بشكل جلي عن الوجه الحقيقي للممارسة الحزبية لدى جزء و اسع من المتحزبين الصحراويين.

فالانتماء الحزبي هنا يبدو أقرب إلى غطاء شكلي، لا يقوم على قناعة فكرية أو التزام سياسي راسخ، بل يتغذى أساساً من الولاءات العائلية و القبلية و المصالح الشخصية.

إذ لا يُعير المنتخبون و المسؤولون الحزبيون في هذه المناطق اهتماماً يُذكر بمبادئ أحزابهم أو برامجها، بقدر ما يحرصون على استثمار التنظيم الحزبي كوسيلة لتعزيز النفوذ الاجتماعي و ضمان المكاسب المصلحية و المادية، و هو ما يجعل التجربة الحزبية في الصحراء تختلف عن نظيراتها في كثير من بلدان العالم، حيث يمثل الحزب عادة إطاراً للتأطير السياسي و الديمقراطي لا مجرد قناة لتكريس النفوذ القبلي أو العائلي.

و تزداد هذه المفارقة و ضوحاً عند ربطها بنتائج الاستحقاقات الانتخابية الأخيرة في المغرب (8 شتنبر 2021)، حيث تصدر التجمع الوطني للأحرار المشهد التشريعي و الجهوي بحصوله على 102 مقعد بمجلس النواب، إضافة إلى 9,995 مقعداً في المجالس الجماعية و 196 مقعداً في المجالس الجهوية.

أما حزب الاستقلال، فرغم تراجعه على المستوى الوطني، فقد حافظ على مكانة وازنة بفضل رصيده التاريخي بالصحراء، جامعاً نحو 5,600 مقعداً جماعياً و144 مقعداً جهوياً.

بينما حل الاتحاد الاشتراكي ثالثاً في هذا السياق، مكتفياً بـ 2,415 مقعداً جماعياً و48 مقعداً جهوياً، ما يعكس محدودية حضوره مقارنة بالفاعلين الكبار.

غير أن هذه الأرقام، على أهميتها، لا تُترجم على أرض الواقع إلى التزام حزبي صادق أو تنافس برامجي فعلي، بقدر ما تُعيد إنتاج الخريطة القبلية و المصلحية ذاتها.

فالممارسة الحزبية في الأقاليم الجنوبية للمملكة، ما تزال رهينة التوازنات العائلية و الانتماءات التقليدية و الأطماع المصلحية، و هو ما يُهدد بإفراغ العمل الحزبي من محتواه الديمقراطي الحقيقي، و يطرح تساؤلات حول مستقبل السياسة في المنطقة إذا لم تُقطع مع هذه الممارسات.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *