لم يكن عبد الله، أحد سكان مدينة العيون، يتوقع أن يتحول اقتناؤه لكيلوغرام واحد من لحم الغنم إلى صدمة حقيقية. فحين ولج أحد محلات الجزارة بالمدينة، سأل عن السعر ليفاجأ بأن ثمن الكيلوغرام الواحد من لحم الغنم يتراوح بين 110 و120 درهما. أعاد السؤال مستفسرا إن كان اللحم من الجدي الصغير، فجاءه الجواب أكثر إرباكًا: “لحم الجدي يصل إلى 120 درهما للكيلوغرام”.
مشهد يعكس واقعًا بات مألوفا لدى ساكنة الأقاليم الجنوبية، حيث يواصل لهيب أسعار اللحوم الحمراء ارتفاعه، في وقت يرزح فيه المواطن تحت ضغط غلاء المعيشة، وسط تساؤلات متزايدة حول أسباب هذا الارتفاع، خاصة في ظل موجة البرد القارس التي تزيد من الطلب على هذا النوع من المواد الأساسية.
وفي تصريح لـ“هنا الصحراء”، عبّر أحد الجزارين عن حرجهم المتكرر أمام الزبائن، قائلًا: “نخجل أحيانًا من إخبار المواطن بثمن الكيلوغرام من اللحم. لحم الإبل، على سبيل المثال، لا يزال يُباع بـ120 درهمًا، في حين نقتنيه بالجملة بحوالي 115 درهمًا فقط، أي أن هامش ربحنا لا يتجاوز 5 دراهم، والأمر نفسه ينطبق على لحم الغنم”.
هذا الوضع يطرح علامات استفهام كبرى، خصوصًا أن ارتفاع الأسعار يأتي في وقت أعلنت فيه وزارة الفلاحة عن ضخ دعم مالي مهم لفائدة مربي الماشية. فقد كشف وزير الفلاحة، خلال جلسة حديثة بمجلس المستشارين الأسبوع الماضي، عن صرف 4 مليارات و465 مليون درهم لفائدة حوالي 977 ألف كساب في أقل من شهر، ضمن البرنامج الاستعجالي لدعم مربي الماشية.
وأوضح الوزير أن الوزارة أنهت معالجة ملفات أزيد من مليون و102 ألف كساب، أي ما يعادل 92 في المائة من مجموع المربين المحصيين، مؤكّدًا أن عملية صرف الدعم ستتواصل إلى غاية تمكين جميع المستحقين منه، بهدف تخفيض كلفة الإنتاج والتخفيف من الضغط على أسعار اللحوم الحمراء.
ورغم هذه الإجراءات، لا يزال المواطن في الأقاليم الجنوبية يتساءل عن الأثر الحقيقي لهذا الدعم على الأسعار داخل الأسواق، وعن الأسباب الكامنة وراء استمرار الغلاء، في وقت تتعالى فيه الدعوات إلى تشديد المراقبة، وضمان وصول الدعم إلى مستحقيه، بما ينعكس بشكل مباشر على القدرة الشرائية للمواطن.


































