علمت «هنا الصحراء» أن التصريحات الأخيرة للبشير مصطفى السيد، أحد أبرز مؤسسي جبهة البوليساريو و المستشار الحالي لإبراهيم غالي، أثارت موجة من الجدل داخل مخيمات تندوف، بعدما اعتبر أن المقترح المغربي القاضي بمنح حكم ذاتي للصحراء هو الأكثر واقعية و مصداقية من بقية الطروحات المطروحة للنزاع.
هذا التصريح، الذي اعتُبر “سابقة” من أحد رجالات الصف الأول في البوليساريو، يُعد ضربة معنوية قوية للخطاب التقليدي للجبهة، و الذي لا يزال متشبثاً بخيار الانفصال كحل وحيد.
و قد أثار التصريح تساؤلات جدية حول حجم التصدع داخل القيادة، خاصة مع تصاعد الأصوات الشبابية التي باتت تطالب بتجديد الخطاب و الانفتاح على تسوية سياسية واقعية تضع مصلحة السكان فوق الاعتبارات الإيديولوجية.
و أضافت المصادر التي كانت تتحدث لـ«هنا الصحراء» أن هذه التصريحات تأتي في وقت تواجه فيه جبهة البوليساريو أزمات متعددة الأوجه، أبرزها العزلة الدبلوماسية المتزايدة، تراجع الدعم الخارجي، واحتقان داخلي تغذّيه معاناة قاطني المخيمات من التهميش وغياب الأفق. ومن هذا المنطلق، فإن كلام البشير مصطفى السيد قد لا يكون مجرد “رأي شخصي”، بل مؤشراً على نقاش داخلي بدأ يتبلور داخل الدوائر المغلقة للجبهة.
و في تصريح لأحد قادة البوليساريو بإسبانيا أكد لـ«هنا الصحراء» أن الحديث عن “انقلاب أبيض” على إبراهيم غالي قد يبدو سابقاً لأوانه، إلا أن المعطيات على الأرض توحي بأن شرعية القيادة الحالية أصبحت موضع تساؤل، خصوصاً مع تنامي التململ في صفوف الكوادر و الجيل الجديد من المنتسبين للجبهة، الذين ينظرون بريبة إلى استمرار نفس الوجوه والعقليات منذ أكثر من أربعة عقود.
و أضف القيادي ذاته لـ«هنا الصحراء» أن جناحاً داخل البوليساريو قد يسعى إلى الدفع نحو تغيير القيادة أو على الأقل مراجعة الطرح السياسي المتشدد، خصوصاً إذا استمرت الظروف الإقليمية والدولية في ترجيح كفة المقترح المغربي، الذي يحظى بدعم واسع من قوى دولية فاعلة.
في المقابل، لم يصدر أي رد رسمي حتى الآن من إبراهيم غالي على تصريحات البشير، وهو ما يُقرأ من طرف البعض كدليل على الحرج أو التردد في كيفية التعامل مع الموقف.
يذكر أن، تصريحات البشير مصطفى السيد تُمثل لحظة فارقة في مسار النزاع، وق د تُشكل شرارة نقاش داخلي أوسع في صفوف البوليساريو. أما ما إذا كانت هذه التصريحات ستقود فعليًا إلى “انقلاب أبيض” على القيادة الحالية، فذلك رهين بتطورات الميدان وتوازن القوى داخل الجبهة، ومدى استعدادها لمغادرة منطق الجمود و القبول بواقعية سياسية جديدة.
