أعادت سلسلة التوقيفات الأخيرة التي طالت عدداً من المشاركين في ما يُعرف بـ”احتجاجات جيل Z”، النقاش حول النظرة الملتبسة لحاملي بطاقات التعريف الوطنية الصادرة عن مدن الأقاليم الجنوبية، و ما رافقها من حملات تشويه و تمييز ضد أبناء هذه المناطق.
فقد تم، وفق المعطيات المتوفرة، توقيف أحد الشبان بمدينة الدار البيضاء، يحمل بطاقة تعريف وطنية صادرة عن مدينة السمارة من أصول مدن شمال المملكة، إلى جانب شخصين آخرين بمدينة تامنصورت قرب مراكش، يحملان بطاقات تعريف صادرة عن مدينة الداخلة.
و أثار هذا المعطى تساؤلات حول ما إذا أصبح مصدر البطاقة الوطنية سبباً للاشتباه أو الربط التلقائي بمواقف انفصالية أو نوايا تخريبية، رغم أن هذه الوثيقة الرسمية تصدر عن المديرية العامة للأمن الوطني و تؤكد انتماء حاملها الكامل للوطن المغربي.
و يؤكد متتبعون أن أغلب حاملي بطاقات التعريف الصادرة عن مدن الصحراء ليسوا بالضرورة من أصول صحراوية، بل من مغاربة من مختلف مناطق المملكة استقروا بهذه المدن لأسباب مهنية أو اجتماعية أو إدارية، ما يجعل أي تصنيف مبني على مكان إصدار البطاقة سلوكاً تمييزياً يمس بمبادئ المساواة و الوحدة الوطنية التي يكرسها الدستور.
و في الوقت الذي تعرف فيه بعض المدن المغربية احتجاجات متفرقة، لم تسجل أي مدينة من مدن جنوب المملكة، مثل العيون أو السمارة أو الداخلة، أي حركات احتجاجية أو أعمال تخريب للممتلكات العامة أو الخاصة، إذ لم يستجب سكان هذه المدن لأي دعوات للتظاهر أو الفوضى، في تعبير واضح عن وعيهم الوطني و تمسكهم بالاستقرار.
من جهة أخرى، عبر نشطاء و فاعلون مدنيون عن استيائهم من الخطاب التحريضي الذي تتبناه بعض المنابر الإعلامية الصفراء، إلى جانب بعض المؤثرين على مواقع التواصل الاجتماعي، و الذين يسعون إلى ربط أبناء الأقاليم الجنوبية زيفاً بالانفصال أو خدمة أجندات خارجية.
و يرى هؤلاء أن مثل هذه الحملات تسيء إلى اللحمة الوطنية، و تغذي الانقسام بدل أن تكرس قيم المواطنة و التضامن بين مختلف مكونات الشعب المغربي.
و يؤكد المتتبعون أن الهوية الوطنية لا تُختزل في بطاقة تعريف أو موقع جغرافي، بل في روح الانتماء للوطن الواحد، من طنجة إلى الكويرة، حيث يظل جميع المغاربة سواء في الحقوق و الواجبات، متحدين حول ثوابت الأمة و وحدتها الترابية.