يُعد الحاج إبراهيم ولد الليلي، ابن العلامة الحاج محمد الحسان بن سيدي علي التوبالي الملقب بـ”الليلي”، واحداً من أبرز رجالات الصحراء المغربية الذين جمعوا بين العلم و الجهاد و العمل الوطني. وُلد سنة 1934 بمنطقة الركيز ضواحي الحكونية، في بيت علم و صلاح؛ إذ كان والده من كبار علماء المنطقة، فشب إبراهيم على حفظ القرآن الكريم و هو طفل صغير على يد أبيه، قبل أن ينتقل إلى زاوية سيدي أحمد بن داوود بآيت بعمران قرب سيدي إفني لاستكمال تعليمه في الفقه والعلوم الشرعية.
حيث كان الليلي في بداياته يدرس القرآن الكريم و يؤطر الشباب على روح الوطنية و مقاومة الاستعمار الإسباني، و مع اندلاع شرارة الكفاح المسلح التحق سنة 1958 بصفوف جيش التحرير، حيث تولى مهام كاتب عام للمقاطعة التاسعة، و كان مساعداً مباشراً للقائد صالح، أحد أبرز قادة المقاومة في الجنوب.
و بعد تجربة المقاومة، انتقل الحاج إبراهيم إلى العمل بعمالة طانطان دون أن يحصل على أي منصب رسمي يعادل تضحياته، غير أن المناداة جاءت سنة 1963 للمشاركة في حرب الرمال ضد الجزائر، حيث تولى قيادة 300 رجل، و تميز بانضباط نادر؛ إذ عاد بكامل رجاله و بعتادهم دون أن يفقد منهم فرداً واحداً أو قطعة سلاح.
و بجانب مساره النضالي، واصل دراسته الجامعية فنال شهادة الكفاءة في الحقوق من جامعة محمد الخامس بالرباط، ثم الإجازة من كلية القرويين بفاس، و كان من المشاركين في المسيرة الخضراء سنة 1975، و من المساهمين في إطلاق إذاعة جهوية لعبت دوراً في الدفاع عن الوحدة الترابية للمغرب، كما انخرط بفعالية في جبهة الوحدة و التحرير، التي قادها المرحوم رشيد الدويهي، و إحدى أذرع العمل الوطني بالصحراء.
حيث حظي الحاج إبراهيم ولد الليلي بلقاءات متكررة مع الملوك الثلاثة: محمد الخامس، الحسن الثاني، و محمد السادس، و كان شاهداً على أهم محطات التاريخ الوطني الحديث.
يذكر أن الليلي، دخل السلك الخاص برجال السلطة ضمن دفعته الأولى، و التي لم تتجاوز مدة تكوينها ستة أشهر، و تدرج إلى أن تقلد صفة باشا، جامعاً بين خدمة الوطن في ميدان المقاومة و العمل الإداري.
و رحل الحاج إبراهيم ولد الليلي إلى دار البقاء بعدما ترك بصمته في الذاكرة الوطنية، جامعاً بين سيرة المجاهد، و العالم، و الإداري. فقد كان مثالاً للرجل الذي وفى لوطنه و دينه، و بر بوالده حتى آخر حياته.