الاعتداءات الجنسية على الأطفال.. جرس إنذار يستدعي التعبئة الجماعية

محمد الصبري21 سبتمبر 2025
الاعتداءات الجنسية على الأطفال.. جرس إنذار يستدعي التعبئة الجماعية

في خضم تنامي جرائم الاعتداء على الأطفال بعدد من مدن الجنوب المغربي، خاصة بطانطان والوطية وطاطا، يفرض الواقع نفسه كجرس إنذار قوي يكشف هشاشة المنظومة المجتمعية والمؤسساتية في حماية الطفولة. فالقضية لم تعد حوادث معزولة، بل صارت مؤشراً على أزمة عميقة تستدعي وقفة جماعية ومسؤولية مشتركة.

وإذا كانت هذه الاعتداءات قد خلّفت صدمة قوية لدى الرأي العام، فإن ما يثير القلق أكثر هو أن بعض المتهمين يُتابَعون في حالة سراح، كما هو الحال في قضية الطفلة ضحية الاعتداء بمدينة طاطا. هذا الوضع لا يكتفي بزعزعة ثقة الضحايا وأسرهم، بل يطرح أيضاً تساؤلات جدية حول ضمانات المحاكمة العادلة وقدرة القضاء على لعب دوره الردعي والحامي في آن واحد.

ومن هنا يبرز سؤال أعمق: كيف يمكن أن نواجه هذه الظاهرة في ظل غياب آليات وقائية فعالة وضعف ثقافة التبليغ داخل المجتمع؟ إن هشاشة الوعي المجتمعي، إلى جانب محدودية التدخل المؤسساتي، تجعل من هذه الجرائم أرضاً خصبة للاستمرار، وهو ما يستدعي إشراك كل الفاعلين، من الأسرة والمدرسة إلى الجمعيات الحقوقية، في بناء جدار وقائي يحمي الأطفال من الخطر المحدق بهم.

وإذا كان المجتمع المدني مدعواً للعب دور أكبر في الرصد والتوعية والمرافعة، فإن المسؤولية لا تقف عند هذا الحد. فالتصدي لهذه الانتهاكات الجسيمة يجب أن يتحول من ردود أفعال متفرقة إلى سياسة عمومية متكاملة، ترتكز على تشريعات صارمة، قضاء عادل، ومؤسسات حماية فعالة، إلى جانب تعبئة مجتمعية شاملة تضع مصلحة الطفل فوق كل اعتبار.

إن حماية الطفولة، في النهاية، ليست خياراً يمكن التراجع عنه أو تأجيله، بل هي رهان مصيري لبناء مغرب آمن ومتوازن. فترك الأطفال عرضة للاستغلال والعنف يعني ببساطة خيانة جماعية لمستقبل الوطن. لذلك يبقى المطلوب اليوم هو تحويل القلق المشروع إلى إرادة جماعية وفعل ملموس، يعيد الطمأنينة إلى الأسر والثقة في مؤسسات الدولة، ويضمن أن لا يفلت أي معتدٍ من العقاب.

 

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *