
في سفري الأخير، ازداد يقيني بأن الإنسان ابن بيئته، وأن الطبع يغلب التطبع، وأن للجينات دورها وللخيمة الكبيرة نفعها، مهما بلغ تعليم أو شأن الانسان و منصبه.
سمعت “الكثيرين” يشتكون من احتكار أهل فلان للتنظيم، كما يحتكرون الجاه والعقار والمال بالمنطقة، ويتباكون على نسخ مضت عندما كانت الامور بين أيديهم، و كنت أميل إلى الصمت والتأمل أكثر من الجدال والنقاش، فلاحظت أن هؤلاء “الكثيرون” كانوا من اسوء عباد الله معاملة لبعضهم البعض، أول ما يفتح لهم مجال ضيق للسطوة والسلطة اللحظية، كانوا يبطشون ويتغولون، وما إن تسلم لهم مقاليد أو زمام أمر حتى يفتكون بمن أمامهم..
كفتاة، كانت معاملتي اختبارا للمعدن وللحمض النووي والأصل، أولاد لخيام لكبارات ورغم جهلهم بمن أكون، عاملوني معاملة تعودوا عليها في خيامهم وبيوتهم العامرة، وكما تعامل أمهاتهم واخواتهم عاملوني، فلم أشعر بأني بعيدة عن أهلي، أما “الكثيرون” الذين كانوا حانقين وساخطين على أهل فلان، فقد كشفوا عن عوراتهم في أول مناسبة للكلام..
أنا مع إعطاء التنظيم لأبناء الخيام الكبيرة، وفي صف الرقي والأصل الطيب، لم تعد تأثر في خطابات أولئك الذين ناصبوا الفائزين بالمناصب العداء، الذين بحثوا عن موطئ قدم فلم يجدوه فشحذوا ألسنتهم وتقيئوا أسوء ما في جوفهم.
أما أهل فلان، وفلان كل ذنبه أنه من أسرة عريقة، عرفت كيف تستثمر المال، واشتغلت وتدرجت في المناصب طلوعا، فلا كلام الغوغاء ستأثر على مكانتهم ولا تدوينات الفاشلين قد تنال من تقدمهم، فالخيمة لكبيرة متينة ركائزها، اصلها ثابت وفرعها في السماء.
“اتفو بالفقر الأخلاقي عندما يجتمع هو والفقر المادي”.