في قلب الصحراء، بزغ نجم أحد أبرز رجالات المقاومة الذين نذروا حياتهم دفاعًا عن الوطن ضد الاستعمار الإسباني. إنه البشير بن بابيت العروسي، المعروف في الأوساط الصحراوية بلقب “أبشير”، قناص لا يُضاهى وأحد أبناء قبيلة العروسيين الذين سجّلوا أسماءهم بحروف من ذهب في سجل المقاومة المغربية.
ولد أبشير سنة 1934 بمنطقة نكجير التابعة لإقليم وادي الذهب، وسط بيئة قبلية أصيلة، صقلته تقاليد البادية، وربّته على الشجاعة والنخوة والانتماء للأرض. التحق مبكرًا بـجيش التحرير المغربي، وبرز كمقاتل فذّ، اشتهر بدقته في الرماية وقدرته الاستثنائية على القنص في المعارك ضد قوات الاحتلال الإسباني.
لم يكن أبشير مجرد مقاتل يحمل السلاح، بل كان أيضًا شاعرًا يُجيد التعبير بالحسانية والفصحى، يلقي المدائح ويتغنى بحب الوطن والمقاومة، مما أكسبه تقديرًا كبيرًا داخل الأوساط الصحراوية.
بعد حملة “إيكوفيون” سنة 1958 التي شنها التحالف الفرنسي الإسباني على المقاومة، انتقل أبشير إلى منطقة طانطان، حيث استقر إلى غاية سنة 1975. ومع استرجاع المغرب لأقاليمه الجنوبية، عاد إلى مدينة العيون، حيث تولى مهامًا إدارية، أبرزها رئاسة الجماعة القروية الدورة شمال المدينة.
توفي البشير بن بابيت سنة 1998 بمدينة الداخلة، وخلّف وراءه سيرة نضالية حافلة تستحق التوثيق والتقدير. وقد حظي بتكريم وطني كبير سنة 2015 بمناسبة الذكرى الأربعين للمسيرة الخضراء، حيث وُشح بوسام العرش من درجة قائد، اعترافًا بإسهاماته في مسيرة الاستقلال والوحدة الترابية.
رحل أبشير، لكن روحه ما تزال حيّة في ذاكرة الصحراء، كرمز لمقاوم شريف و شاعر مناضل جمع بين البندقية و الكلمة في سبيل الوطن.



































