في قلب محافظة ألميريا جنوب إسبانيا، حيث تمتد البيوت البلاستيكية الزراعية على مد البصر، يعمل أكثر من 83,500 مهاجر أجنبي مسجل في الضمان الاجتماعي، معظمهم في قطاع الزراعة الذي يُعد العمود الفقري لاقتصاد المنطقة. إلا أن الواقع يشير إلى أن العدد الحقيقي للعمال المهاجرين يفوق ذلك بكثير، إذ يُقدّر أن ضعف هذا الرقم يشتغلون دون وثائق قانونية أو حماية اجتماعية.
ويُعرف عن ألميريا أنها “مزرعة أوروبا”، إذ تصدر كميات هائلة من الخضروات والفواكه إلى مختلف دول الاتحاد الأوروبي، بفضل سواعد المهاجرين، ومعظمهم من دول إفريقيا، والمغرب العربي، ودول أمريكا اللاتينية.
ورغم الدور الحيوي الذي يلعبه هؤلاء العمال في ضمان الأمن الغذائي لإسبانيا و أوروبا، فإنهم يتعرضون لحملات تحريض وتمييز من قبل أطراف سياسية، خاصة حزب Vox اليميني المتطرف، و في مدينة إل إيخيدو (El Ejido)، حيث تُعد الزراعة النشاط الرئيسي، أثار الحزب جدلاً واسعاً بعد وضعه لوحة إعلانية تحمل رسالة معادية للمهاجرين المسلمين، متسائلاً: “أي ألميريا تريد؟”
اللوحة أثارت موجة استنكار في الأوساط الحقوقية والنقابية، واعتُبرت تحريضاً على الكراهية والعنصرية، خاصة في مدينة شهدت سابقاً توترات عنصرية، و قد عبرت عدة منظمات عن قلقها من تداعيات هذا الخطاب على التماسك الاجتماعي في منطقة يعتمد اقتصادها بشكل أساسي على اليد العاملة المهاجرة.
ويقول أحد العاملين في تعاونية زراعية بالمنطقة: “نحن من نزرع ونحصد ونحمل على ظهورنا غذاء أوروبا، ثم يحملونا مسؤولية أزمات لم نصنعها، إنها مفارقة مؤلمة.”
في ظل هذه التناقضات، يتجدد الجدل في إسبانيا حول الحاجة إلى سياسات هجرة عادلة، وإدماج حقيقي للمهاجرين، بعيداً عن الخطابات الشعبوية التي تستغلهم في موسم الانتخابات، وتتنكر لأدوارهم حين يحين وقت الاعتراف.