فيضول الدهم… مقاوم بعمراني في زمن الكفاح الوطني بالصحراء

رئيس التحرير15 سبتمبر 2025
فيضول الدهم… مقاوم بعمراني في زمن الكفاح الوطني بالصحراء

 

تاريخ المقاومة المغربية، خصوصا في الأقاليم الصحراوية، زاخر بأسماء مقاومين ضحّوا بحياتهم من أجل حرية الوطن. ومن بين هؤلاء يبرز اسم فيضول الدهم، الذي جسّد صورة المقاوم الصحراوي الصلب خلال عقود الاستعمار الإسباني والفرنسي. ورغم أن المصادر المكتوبة لم تنصفه بما يكفي، فإن ذاكرة القبائل ما زالت تحفظ سيرته كأحد الأصوات المخلصة في زمن الكفاح.

جذور صحراوية وهوية وطنية

ولد فيضول الدهم خلال العقد الثاني من القرن العشرين، في فترة عرفت فيها الصحراء المغربية تحولات كبرى مع بداية التوسع الاستعماري الإسباني في الجنوب بعد سنة 1912، حيث نشأ في وسط مجتمعي بعمراني متشبع بقيم الفروسية و الوفاء للعهد، و هو ما شكل وعيه المبكر بأن الدفاع عن الأرض ليس مجرد خيار، بل قدر يفرض نفسه على أبناء المنطقة.

و منذ منتصف الثلاثينيات، و بعد سقوط مدينة طرفاية في يد الإسبان سنة 1934، انخرط فيضول الدهم في صفوف مجموعات المقاومة التي واجهت الاحتلال في مناطق سيدي إيفني، كلميم و الصحراء الداخلية.، حيث شارك في هجومات متفرقة على مراكز الحاميات الإسبانية ما بين 1936 و1940، و ساهم في عمليات إمداد لوجستي لرجال المقاومة مستغلا خبرته بمسالك الصحراء خلال الأربعينيات، و انخرط فيضول الدرهم مع بداية الخمسينيات في تنسيق مع جيش التحرير المغربي، الذي تأسس رسميا سنة 1955، حيث ساعد على ربط الصحراء بالتحركات الوطنية في باقي المغرب.

و بعد استقلال المغرب سنة 1956، استمرت المعركة في الصحراء الجنوبية ضد الاحتلال الإسباني، و كان فيضول الدهم من بين المقاومين الذين شاركوا في معارك 1957 – 1958، خاصة خلال ما عرف بحملة «إيكوفيون» (عملية اجتياح مشتركة بين فرنسا و إسبانيا لقمع جيش التحرير في الصحراء). و قد برز آنذاك كأحد الأصوات الميدانية التي رفضت الاستسلام رغم تفوق القوات الاستعمارية.

و لم يكن فيضول الدهم شخصية تسعى وراء الأضواء، بل كان من المقاومين الذين اختاروا التضحية في صمت، و رغم محدودية المصادر حول تفاصيل حياته اللاحقة، فإن ذكراه بقيت حية لدى أبناء القبائل التي شارك معها في مسيرة التحرر، إن إعادة الاعتبار لذكراه اليوم جزء من واجب وطني أوسع لتوثيق كل تلك التضحيات التي لم تنل نصيبها من الاعتراف الرسمي.

يذكر أن فيضول الدهم يمثل حلقة من حلقات المقاومة الوطنية التي امتدت على مدى عقود، من معارك الريف إلى نضالات الصحراء، إن استحضار تضحياته بين 1934 و1958 يذكر الأجيال الحالية بأن الحرية لم تكن هبة، بل ثمرة صمود رجال مثل فيضول الدهم، الذين جعلوا من دمائهم جسرا نحو استقلال المغرب و وحدته الترابية.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *