انتفاضة الزملة التاريخية..أول تمرد صحراوي ضد الإستعمار

رئيس التحرير18 يونيو 2024
انتفاضة الزملة التاريخية..أول تمرد صحراوي ضد الإستعمار

تحل علينا يوم 17 يونييو من كل سنة، ذكرى انتفاضة الزملة التاريخية، أول تمرد صحراوي منظم ضد الاستعمار الإسباني، بزعامة محمد سيد ابراهيم بصيري، رجل دين من أصول صحراوية قدم الى المنطقة أواخر ستينيات القرن الماضي.

عملية المطالبة بتحسين الظروف الاجتماعية والاقتصادية، بدأت في مدينة السمارة، بجمع من العمال وبعض المسؤولين والجنود المعينين في الإدارة الإسبانية، لتنتشر لاحقا في مناطق أخرى من الإقليم، وخصوصا في الأحياء المحيطة بمدينة العيون، حيث يتواجد مركز القوة الاستعمارية، التي كانت آنذاك محكومة من طرف ضباط إسبان دون تكوين أكاديمي وبدون تجربة أو تبصر سياسي.
بحلول نهاية الستينيات، كانت قضية الصحراء الغربية قد دخلت أروقة الأمم المتحدة بعد اتخاذ القرار 1514 الصادر عن الجمعية العامة، بشأن الشعوب والبلدان الواقعة تحت الحكم الاستعماري. حتى ذلك الحين، كانت السلطات الاستعمارية تعتبر الأراضي الصحراوية مقاطعة إسبانية، لكنها بدأت تتقبل إمكانية منح السكان الصحراويين حقهم في تقرير المصير، استجابة للضغوطات المتزايدة من طرف البلدان المجاورة لصالح تصفية الاستعمار.
في 17 يونيو 1970، خططت الإدارة الاستعمارية الإسبانية، بالتعاون مع أعضاء الجمعية الصحراوية، الهيئة التمثيلية الوحيدة الموجودة آنذاك، للقيام باحتفال للتعبير عن ولاء السكان الصحراويين للقوة المديرة. ولإفشال هذه الاحتفالات، قرر محمد سيد ابراهيم بصيري، الذي أطر أتباعه في المنظمة الطليعية الناشئة، تنظيم مظاهرة موازية في نفس المدينة للفت الأنظار، ولتقديم مطالبهم الأولى للسلطات الاستعمارية.
المظاهرة أقيمت بحي الزملة بحضور مئات المؤيدين وبعض الفضوليين. في البداية حاولت السلطات الاسبانية منع التجمهر بالوسائل السلمية، ثم لاحقا بواسطة تدخل وحدات تابعة للجيش النظامي المسمى “التيرسيو”، لينتهي بها المطاف بإطلاق النار على المتظاهرين. كانت النتيجة مصرع عدة مواطنين واعتقال العشرات، من بينهم زعيم المنظمة الطليعية محمد سيدي إبراهيم بصيري. هذا الاخير اعتبر في عداد المفقودين، على الرغم من الاعتقاد السائد بأنه تم إعدامه من طرف السلطات الاستعمارية بعد ذلك بأيام.
إن حماقة وعدم كفاءة السلطات العسكرية الاسبانية أحبطت محاولة معتدلة، حضارية وسلمية، لتصفية الاستعمار، كان من شأنها أن تجنب الصحراويين المآسي والمعاناة التي لا يزالون يعيشون على وقعها منذ سنة 1973.
وتذكر روايات أن بصيري كان قد قدم للسلطات الاستعمارية الاسبانية اقتراحا معتدلا للحل، يتأسس على فكرة الحكم الذاتي، والذي كان اقتراحًا ذكيًا وقابلًا للتطبيق، تعثر بسبب قساوة وانغلاق ديكتاتورية متحالفة مع هتلر في الحرب العالمية الثانية، وبقيت خارج منظومة الأمم المتحدة حتى منتصف خمسينيات القرن الماضي.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *