عند أول امتحان سقطت اللجنة المؤقتة لتسيير شؤون قطاع الصحافة والنشر ( المجلس الوطني للصحافة ) .
عند أول احتكاك ونقاش سقط قناع التمثيل والمرافعة وتدبير شؤون الصحفيين وتكوينهم وتأطيرهم قانونيا ، لتكون اللجنة أول من يستعمل القانون لمعاقبة الأبناء .
إنها الحاضنة التي أعطت المثال، فساقت محضونيها وصغارها الى الاعتقال ، حتى العقرب وهي من هي ، تنفجر في سبيل منح الحياة لصغارها ، وتموت لمنحهم حياة كريمة على حساب نفسها ، أتراها أصبحت العقارب أحن وأكرم بأبناءها من المجلس الوطني للصحافة بأبناءه من الصحافيين ، وأي صحافيين ، صحفييو الصحراء ، وهم من هم ، أبناء الصحراء المغربية ، التي استوصى بها ملوك المغرب خيرا، ونافح عنهم الشعب المغربي وقدم الأرواح والأموال في سبيل استرداد كرامتهم وتحررهم من أعداء وخصوم الوحدة الترابية ، فكان أهل الصحراء لعقود طويلة، حين يحلون بالعاصمة تكرم وفادتهم ، وتحسن ضيافتهم ، ويقال جاءكم الخير ، إنهم أبناء الصحراء، وتقام الولائم ويفرح الصغير والكبير، ويحرص الجميع على راحتهم مم تعب السفر ، ويسبقون ويقدمون على إخوتهم من باقي ربوع المملكة، إكراما لهم ، وتقديرا لتعبهم والمسافات التي قطعوها ، هذا ديدن المغاربة مع إخوانهم من الصحراء ، وهو محط فخر وتنويه وتقدير بين كل الصحراويين.
وحدها اللجنة المؤقتة نشزت وخرجت عن العادة، فأولى هداياها للمنتسبين لها من صحفيي الأقاليم الجنوبية، الشكاية بهم لدى السلطات الأمنية ، والتسبب في اقتيادهم الى مقر الأمن والتحقيق معهم ، بل حتى الشرطة وعناصرها تعاملوا تعاملا راقيا ومحترما معهم ، وكانوا يطبقون القانون على مضض ، وكأنهم لا يفهمون كيف لهيئة تمثل فئة معينة أن تدفع بهم الى الاعتقال والاهانة ، بل كيف لها أصلا أن تدخل طرفا ثالثا في مشكلة داخلية ، كان يمكن حلها بالحوار والنقاش ، وهو مطلب المحتجين بمقر المجلس الوطني للصحافة.
في وقت يقود فيه جلالة الملك محمد السادس نصره الله ثورة تنموية في البلاد ، أساسها حرية التعبير وتكريم الصحافيين ، وتقدير المؤسسات الاعلامية ، ويعتبرها شريكا في مسيرة النماء ، في ظل ما ينتظر المملكة الشريفة من استحقاقات عالمية ستغير وجه المغرب وتعزز حضوره القاري والدولي ، نجد المجلس الوطني للصحافة ( اللجنة المؤقتة ) يعاكس التطور بالمغرب ، ويتبنى قرارات تعكس تخلف بعض مكوناته حتى لا نعمم .
الأسرة الأمنية بدورها ، قادت سلسلة من البرامج والخطوات ودشنت شراكات واتفاقيات ، في سبيل تعزيز الثقة بين الأمن والصحافة ، وسعت بكل الأشكال لتكوين رجال الشرطة في المجال الصحافي، وضبط سلوكات العناصر تفاديا لأخطاء معزولة وقعت في الماضي، تسبب فيها بعض العناصر دون قصد في ضرب او منع صحافيين من مزاولة مهامهم خلال تغطيات لأحداث أو مسيرات عرفتها البلاد ، فجاء قرار المؤسسة الأمنية صارما وعصريا ، باعتماد سبل وتدابير ، تراعي العلاقة بين الصحافي ورجال الأمن ، وتدريب عناصر مؤهلة للتعامل مع الجسم الصحافي ، بل تطورت العلاقة لترتقي لمستوى الشراكة والتواصل وتمكين الصحافيين من السبق في الخبر تفاديا للمعلومات المغلوطة وتصحيحا للمعطيات ومناشدة للحقيقة التي تبحث عنها الشرطة في السر ويبحث عنها الصحافي في العلن ، فكانا بحق وجهين لعملة واحدة، وإن اختلفت الوسائل والأهداف والتوجهات، مع ما يقتضيه احترام الجهاز الأمني ودوره في سلامة المواطنين وأمنهم وأمن البلاد.
وسط كل ما سبق ، قررت حاضنة الصحافة ، تقديم منتسبيها للعدالة ، عبر الشكاية بهم وإخراجهم بالقوة من مجلس يفترض أنه يعنيهم ويعنى بهم وفي ملكيتهم وملكية كل صحافي بالمغرب، وليس ملكا شخصيا لفرد ولا مجموعة منتدبة لتسيير المؤسسة بشكل مؤقت ، أية فضيحة هذه ، وأي عار هذا ؟! .
كيف يستقيم أن يتبجح المجلس والمشرفون عليه بالعلاقة مع مؤسسات وهيئات صحافية دولية ، وهم ينتهكون حقوق الصحافيين في وطنهم ، وكيف يستقيم أن يتضامنوا مع قضايا الصحافيين بربوع العالم، وهم يقدمون زملاءهم قرابينا للبقاء في مناصبهم ، ويجسدون دكتاتورية المناصب ، بدل النزول من كراسيهم لحلحلة مشاكل القطاع وتمكين الصحافيين من حقوقهم المشروعة بالقانون .
أي عار هذا ؟! ، ونحن نرى نقابيين يقبرون حقوق من يمثلون ، ويقدمون الهدايا لخصوم المغرب وأعداءه ، ويمنحونهم فرصا مجانية للطعن في الصحافة المغربية ، وتوريط المؤسسة الأمنية في مواضيع لا علاقة لها بها ، قد تعود بنتائج سلبية وكارثية ، تؤثر على المغرب ومكانته الدولية لا لشيء ، سوى لعنجهية وتسلط أوصياء القطاع الصحافي .
من يغسل هذا العار اليوم ، من يربت على أكتاف الصحافيين الذين وجدوا أنفسهم يساقون كالمجرمين الى مخافر الشرطة ، لأن المجلس الوصي لم يستمع لهم . إنه عار ليس بعده عار ، والأكيد أنه سيكون له ما بعد ، فقطعا سينتفض قطاع الصحافة لهذا التصرف الأرعن ، وهذا التخلف الواضح ، وهذا الشطط في استعمال السلطة من اللجنة المؤقتة ، والا فلن تقوم للصحافة قائمة ببلادنا .