السينما الحسانية.. بين مخيمات تيندوف والصحراء

رئيس التحرير2 فبراير 2024آخر تحديث :
السينما الحسانية.. بين مخيمات تيندوف والصحراء

الصورة على اليمين لطلبة مدرسة للسينما بمخيمات تيندوف ، وعلى اليسار لطلبة معهد متخصص في الصحافة والسمعي البصري بمدينة العيون.

في غياب دور فعال للدولة ومؤسساتها فيما يتعلق بالتكوين في مهن السمعي البصري والسينما، الا أن المبادرات الخاصة تعد قليلة ومحتشمة في مدن الصحراء، ولعل أهم هذه المعاهد ، والذي يوفر للطلبة تكوينا تطبيقيا في هذه المجالات هو معهد الصحافة المتخصص في السمعي البصري- مدينة العيون ، وذلك نظرا لتوفره على معدات نوعا ما تتيح للطلبة تطبيق ما يتم تدريسه نظريا، فضلا عن أطر وتقنيين متمرسين في مجالهم، الشيء الذي يفتقر اليه باقي المعاهد.

وفي الضفة الأخرى لا شك أن المدرسة التي تدرس السينما والسمعي البصري، تتوفر على معدات متطورة بالإضافة لتكوين من خبراء في المجال، مؤطرين على يد اسبان وأجانب ، فضلا عن الدور الذي يلعبه مهرجان “fisahara” الذي يتم تنظيمه سنويا بمخيمات تيندوف، بتطوع من عدة مخرجين وتقنيين وصحفيين إسبان.

مهرجان fisahara بمخيمات تيندوف

“كونكورديا   Concordia 21″ هي منظمة إسبانية غير حكومية، يقع مقرها بمدريد وتهدف إلى دعم الأعمال الفنية والثقافية بمخيمات تيندوف، وتلعب دورا هاما في صناعة الأفلام التي تسوق للبروباغاندا المبنية على حقوق الإنسان واللاجئين، لكسب التعاطف الدولي مع ساكنة مخيمات تيندوف والبوليساريو، كما أن جل أعمالها تأتي عبر التطوع، وميزانياتها تعتمد على التبرعات، غير أن  حصيلة هذه المنظمة بلغت الى حدود كتابة هذا المقال 251 عمل يتم توثيقه وعرضه عبر منصة الكترونية خصصت لهذا الغرض تحت اسم ” NOMADS HRC”.

رغم أن الدولة المغربية خصصت صندوق دعم للأفلام الوثائقية حول المجال الصحراوي الحساني، وأسست كذلك لمهرجان يقام بمدينة العيون ، فشلت أخر نسخه بسبب عرض فيلم مسيء لقبيلة صحراوية، تبقى نتيجة هذا الدعم غائبة عن الساحة الفنية لا الدولية ولا الوطنية، وتبقى الإنتاجات في هذا الجانب حبيسة رفوف المركز السينمائي المغربي، والسبب .. ربما تكون رداءة المنتوج من حيث المضمون، و في كثير الأحيان ضعف الرؤية الإخراجية السينمائية أو غيابها بالمرة، نتيجة نقص التكوين في هذا المجال، مع استثناء أعمال تعد على رؤوس الأصابع استطاعت ان تنافس على جوائز وطنيا ودوليا، في الأونة الأخيرة.

مهرجان الفيلم الوثائقي بالعيون

ان الإشكال في ضعف مردودية الدعم المقدم للإنتاج السنيمائي في الصحراء، يرجع في البداية إلى  حيثيات و ظروف خلق صندوق الدعم الخاص، والتي كانت مستعجلة دون تخطيط ولا دراسة مسبقة، بحيث كان احداث الصندوق ك ردة فعل إيجابية الى حد ما، حينما استفاق مسؤول عن القطاع ولاحظ خلو الساحة الدولية في جانب السينما الحسانية لصالح انتاجات الإسبان المتعاطفين مع البوليساريو، بل منافستهم في مهرجانات دولية على الجوائز مع الأعمال المغربية، بالإضافة للعشوائية في طرح الدعم، فقد كان أبناء المنطقة حديثي العهد بهذا الفن الذي أصبح لابد من  إعطاء الفرصة للعديد منهم من أجل انطلاقة فعلية لهذا البرنامج الجاد من طرف الدولة المغربية، وتم منح الدعم لدورات متتالية بنوع من المرونة لإغناء المكتبة السينمائية الوطنية  بهذا الصنف، وربما لم يوفق العديد في  البدايات لإخراج عمل سينمائي تنافسي، الشئ الذي جعل جل الأعمال الحسانية حبيسة رفوف المركز السنيمائي المغربي.

من أجل تطوير أي منتج كيفما كان نوعه، لابد أن يتم عرضه للمختصين من أجل إبداء الراي فيه، وكذلك هو الفيلم السينمائي، كان من الضروري عرض الأعمال المنتجة في مرحلة المونتاج الأولي، وبعدها في مرحلة أخيرة على العموم لإبداء الآراء والمقترحات وكذا فتح النقاش حول الأعال، الشيء الذي كان سيلعب دورا هاما في تطوير المنتوج السينمائي الحساني.

تطوير السينما الحسانية بالصحراء، رهين بتكوين أبناء هذه الثقافة في مهن السينما، ويجب أن يشمل هذا التكوين مختلف مجالات الفن السابع، بداية من كتابة السيناريو ، والإخراج، ومرورا بما هو تقني كالتصوير والإنارة والتوضيب، بالإضافة لإدارة الإنتاج والممثلين وكل ما يدخل في العملية الإنتاجية للأعمال السينمائية، ولا ننسى تدبير المقاولة التي تعمل في مجال السمعي البصري.

لا شك ان إنجاح اي تكوين في أي مجال كان، يتطلب توجيها مسبقا مبني على دراسة ميولات الفئة المعنية بهذا التكوين، ومن أجل إعداد جيل من الشباب قادر على الإبداع في مجال السينما، يجب تفعيل نوادي السينما والمسرح والإعلام في المؤسسات التعليمية، ومن خلالها تبدأ عملية التوجيه وإكتشاف الميولات لكل تلميذ منذ بداية مساره التعليمي، زد على ذلك تنمية وصقل المواهب في مختلف المجالات، ولا ننسى إعادة تفعيل المسابقات الجهوية والوطنية في ما يخص الأفلام القصيرة للطلبة، التي لطالما شجعت المؤسسات على الإبداع و خلقت جوا من المنافسة الحميدة بين مختلف المؤسسات التعليمية.

بالإضافة إلى توفير تكوين جيد في مجال السينما، وإخراج أفواج من السينمائيين، وتشجيع الإنتاج عبر الدعم المباشر من الدولة، و المهرجانات التي تعد فرصة لعرض الأعمال وتقييمها، يجب التسريع في إعادة فتح قاعات السينما في مختلف المدن، من أجل إحياء ثقافة السينما،  وخلق فضاءات لعرض ما تم إنتاجه على الصعيد الوطني والدولي .

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


error: Content is protected !!