وتتوالى شهادات ضحايا جبهة البوليساريو
في لقاء لي مع ضحية من نوع خاص، كونه احد ابناء مدينة بوجدور الساقية الحمراء، حيث لم يكتب له من قبل ان عاش بمخيمات اللاجئين الصحراويين، الا انه لم يسلم حسب شهادته من بطش و تنكيل القيادة الحاكمة بالمخيمات،
هو “عبد العزيز ولد صمبة ولد محمد” مزداد بتاريخ 26 يناير 1992 بمدينة بوجدور، انتقل رفقة اصدقائه الى منطقة “أوسرد” مستهل شهر يوليوز 2019، قصد البحث عن معدن الذهب، شأنه شأن باقي الشباب وغيرهم ممن يريد البحث هناك.
يقول عبد العزيز أن تلك المنطقة كانت قريبة من الحزام الامني الفاصل، وفي ليلة العاشر من شهر يوليوز تفاجئوا بتحذيرات متكررة من طرف الجيش المغربي بضرورة الابتعاد، مشيرا حينها أنه كان قد تجاوز الحزام شرقا من دون علم وظل تائها هناك ، مما جعله في حالة من الخوف لعدم معرفته الرجوع الى مكانه، مضيفا انه في صباح اليوم الموالي شاهد سيارة متجهة صوبه، فظن انها تابعة للجيش المغربي، فإذا بهم جنود جبهة البوليساريو،
وبعد سؤاله عن اسمه وسبب تواجده بالمنطقة، تم اقتياده بشكل عنيف يضيف ‘عبد العزيز’ الى الناحية العسكرية السابعة، وسط معاملة مشينة و تغطيته بواسطة الشباك و الجلوس عليه، وركله و ضربه طيلة مسافة امتدت لالف كيلومتر من “اغوينيت” جنوبا الى الرابوني وسجن الذهيبية شمالا، وقد تعرف بعد ذلك على بعض الاشخاص وهما “امبارك ولد احمد ولد مسكة” و “امبيريك ولد الدهمان”.
وعند مباشرة الاستنطاق معه حول السبب الرئيسي الذي جعله ينتقل الى الجهة الشرقية من الحزام، فقد كانوا يصرون على ان عبوره كان متعمدا لغاية لابد لهم من معرفتها، وقد تعرف ايضا على اسماء الضباط الذين تكلفوا باستجوابه بالناحية العسكرية وهما “الديه ولد عليوة” و “غالي ولد حمادة ولد اباعلي”.
بعد ذلك يضيف ‘عبد العزيز’ انهم قاموا باقتياده بواسطة سيارة تويوتا مقيدا و معصوب العينين نحو الناحية العسكرية الثانية بتفارتي، فظل هناك طيلة خمسة ايام داخل سجن انفرادي،
مضيفا انه كان يتعرض للضرب و الركل والبصق و السب والشتم بشكل متكرر، الشئ الذي صدمه كونه كان يظن انهم سيعاملونه معاملة حسنة،
لينتقلوا به صبيحة اليوم السادس الى ممثل المحكمة المدنية حسب قولهم، وهو المدعو “يربنا”، وسأله عن سبب تواجده بمكان اعتقاله، لعدم اقتناعهم بالرواية التي قدمها لهم، واخبره انه متهم بالتخابر، الشئ الذي نفاه جملة وتفصيلا،
وبعد انتهاء التحقيق معه، تم نقله الى وكيل المحكمة العسكرية وهو “حمودي ولد عبد الله ولد مسعود” والذي اعاد له نفس التهم، قبل ان يصدر أمره بتسليمه الى ضباط جزائريين بمنطقة تسمى “الديوانة” جنوب تندوف على الحدود الجزائرية، حيث تم تصويره هناك و تسليم وثائقه المغربية لهم، ثم اقتياده الى الرابوني بغية الزج به في سجن الذهيبية، وقد تعرض لمختلف انواع العذاب بذلك السجن معلقا و مقيدا طيلة اربعة اشهر، ويعاني من كسر في انفه الى حدود الساعة،
وبحلول شهر شنتبر 2019 دخل في اضراب عن الطعام لمدة 23 يوم بغية معرفة اسباب اعتقاله، ومنعه من عديد الحقوق داخل السجن، وتعرضه بشكل يومي للضرب و التجويع والتهديد بالقتل، وبعد تدهور صحته، زاره بالسجن شخص ادعى انه يمثل جمعية تعنى بحقوق الانسان قصد الاطمئنان عليه، ووعده بالنظر في قضيته، وسأله عن رقم هاتف عائلته ببوجدور قصد اخبارهم طالبا منه فك اضرابه، الشئ الذي استجاب له عبد العزيز.
واشار بعد ذلك الى صدمته لطلبهم قيامه بالحديث مع عائلته بشكل شخصي، و عدم اخبارهم بظروفه، وان يخبرهم انه في احسن حال ويتواجد بين إخوانه وعائلته، ليتم بعدها ترحيله الى غرفة أخرى بها عدد من السجناء الصحراويين،
و بتاريخ التاسع من شهر مارس 2020 انتقلوا به الى مكتب المدعو “مولاي الزين ولد الصالح” وهو قاضي التحقيق بالمحكمة العسكرية، حيث اخبره هذا الاخير انه إطلع على ملفه، لكنه يريد الاستماع له شخصيا، واعدا اياه باطلاق سراحه، وقد نفى عبد العزيز كل التهم الموجهة له، مشيرا الى تعرضه لشتى انواع التعذيب الغير مبرر، ومعاناته من بعض الكسور والام بالرأس،
وبعد انتهاء التحقيق، تم اعادته الى السجن، وظل هناك مدة طويلة، الى ان تفاجئ بحضور الدرك قصد تقديمه للمحاكمة بالرابوني، حيث تم عرضه امام مدير جهاز المخابرات (سكتور) المدعو “محمد عالي ولد الكرشة” و المدعو “حمودي ولد عبد الله ولد مسعود” والمدعو “الصالح ولد البوهالي”، واضاف ان الجلسة كانت بحضور ضابطين جزائريين، واصدروا حكمهم في حقه بسبع سنوات نافذة بسجن الذهيبية، وغرامة مالية،
وظل بعد ذلك بالسجن لمدة شهرين، حيث دبر حيلة حسب قوله للهرب، مستغلا فترة الاستراحة و بمساعدة اشخاص اختار عدم ذكر اسمائهم، حيث وفروا له بدلات عسكرية، الشئ الذي ساعده في الخروج من السجن بشكل لم يلحظه الحراس، كون الفترة كانت فترة استراحة للسجناء،
ليلتقي بعد ذلك بعدد من السيارات المدنية، طالبا منهم نقله الى الرابوني، و انتقل بعدها الى الحدود الجزائرية جنوب تندوف مشيا على الاقدام، وبمساعدة اشخاص نجح في الوصول الى الزويرات، وبعدها الى مدينة نواذيبو، ليظل هناك لمدة خمسة عشر يوما اواخر شهر غشت 2020، ثم اتصل بسفارة المغرب التي اتصلت بعائلته مؤمنة له طريق العودة الى ارضه.
وفي ختام اللقاء اكد عبد العزيز انه ترك ورائه العديد من المعتقلين يجهلون اسباب اعتقالهم، وان اغلبهم من الشباب، يعانون ويلات العذاب بشكل يومي،
داعيا الى العمل على فضح مثل هاته الممارسات من اجل كشف حقيقة قيادة جبهة البوليساريو.